شرح كتاب الأدب في الدين للإمام الغزالي -48- تتمة آداب عامة
الدرس الثامن والأربعون من شرح العلامة الحبيب عمر بن حفيظ لكتاب الأدب في الدين لحجة الإسلام الإمام محمد بن محمد الغزالي، ضمن الدروس الصباحية لأيام الست الأولى من شوال 1446هـ، آداب عامة
فجر السبت 7 شوال 1445هـ.
يتضمن الدرس:
- أمور نبتعد عنها أمام الناس
- كيف تكون مجالس الخير؟
- الاعتدال في جميع الأمور
- كيفية الاكتحال
- تجنب الإسراف في الدهن
- التحدث عن مقدار المال
- إعطاء الأولاد بالتسوية
- ما يتجنب في المخاصمة
- قصة لسيدنا عيسى ابن مريم مع السفهاء
- دعاء النبي ﷺ على من أساء
- تنبيهات عند المخاصمة والغضب
- الاعتدال في صحبة السلاطين ومجالستهم
- من هو صديق العافية؟
- تنبيهات في مخالطة الناس
- الميزان في كثرة المزاح
- دعاء ختام كتاب الأدب في الدين
- وصيتي لك ياذا الفضل والأدب (قصيدة للإمام الحداد)
آداب عامة
تتمة: آداب جامعة
"وكن معتدلاً في جميع أمورك، وتوقَّ كثرة الكحل والإسراف في الدهن، ولا تلحّ في الحكايات.
ولا تعلم أهلك وولدك -فضلاً عن غيرهم- عن مالك؛ فإنهم إن رأوه قليلاً هُنت عليهم، وإن رأوه كثيرًا لم تبلغ إلى رضاهم، وأحبِّهم من غير عنف، ولِنْ لهم من غير ضعف.
وإذا خاصمت فتوقّر وتفكّر في حُجّتك، ولا تكثر الإشارة بيدك، ولا تجثُ على ركبتيك، وإذا هدأ غضبك فتكلم.
وإن بُليت بصحبة السلطان فكُن منه على حذر، ولا تأمن من انقلابه عليك، وارفق به رفقك بالصبيّ، وكلّمه بما يشاء، وإياك أن تدخل بينه وبين أهله وولده وحشمه ولو كان مستمعًا لذلك.
وإياك وصديق العافية، فإنه أحد الأعداء لك، ولا تجعل مالك أكرم عليك من عِرضك.
وإياك وكثرة البصاق بين الناس، فإن صاحبه يُنسب إلى التأنيث، ولا تظهر لصديقك كل ما يؤذيك فإنه متى رأى منك وقفةً أعقبك العداوة.
ولا تمازح لبيبًا فيحقد عليك، ولا سفيهًا فيجترئ عليك؛ لأن المزاح يخرق الهيبة، ويُسقط المنزلة، ويُذهب ماء الوجه، ويعقب الحزن، ويزيل حلاوة الود، ويشين فقه الفقيه، ويجرّئ السفيه، ويُميت القلب، ويباعد من الرب، ويعقب الذم، ويُفسخ العزم، ويُظلم السرائر ، ويُميت الخواطر ، ويكثر الذنوب ، ويبيّن العيوب.
نسأل الله تعالى أن يهدينا فيمن هدى ، ويعافينا فيمن عافى ويتولانا فيمن تولى، ويبارك لنا فيما أعطى، ويقينا شَرِّ ما قضى، فإنه لا رادّ لما قضى، ولا يعزّ من عادى، ولا يذل من والى. تبارك ربنا وتعالى، نستغفره ونتوب إليه، ونسأله أن يصلي بأفضل الصلوات كلها على عبده المصطفى، وعلى آله وأصحابه أعلام الهدى، وسلم تسليمًا كثيرًا.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي، آمين."
نص الدرس مكتوب:
الحمد لله الذي جعل لنا في دينه الحنيف منظومة الآداب التي يتحقق بها الاقتراب، ويُوصَلُ بها إلى رضا ربِّ الأرباب ومرافقة سيد الأحباب صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم؛ الذي بُعِثَ ليُتَمِّم مكارم الأخلاق.
صلِّ اللهم وسلم وبارك على عبدك المجتبى محمد وعلى آله وصحبه ومن سار في دربه، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين المبشرين به، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى ملائكتك المقربين، وجميع عبادك الصالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
وقد مَرَّ بنا في آخر هذه الرسالة "الأدب في الدين" بعض الآداب الجامعة من لقاء الصديق والعدو بوجه البشاشة، من غير ذلة ولا هيبةٍ منهم، بل بتوقُّرٍ من غير كِبر، وفي توسط في الأمور، والبعد عن النظر إلى عِطْفَي الإنسان نفسه وكثرة الالتفات.
فقد جاء في سنة نبينا ومسلكه الكريم وهديه أنه إذا التفت التفت جميعًا، وكان يَمضي وإذا نودي من ورائه وقف ولم يلتفت برأسه، وإن احتاج للالتفات التفت جميعًا؛ بجسده كله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
والبُعد عن تشبيك الأصابع كذلك، والعبث بمثل الخاتم أو اللحية أو الأسنان، أو تخليل الأسنان أمام الناس أو إدخال اليد في الأنف.. وما إلى ذلك.
والبعد عن كثرة التمطي والتثاؤب، وزَمُّ زمام المجالس؛ بأن تكون المجالس مجالس هدوء وانتظام ووقار.
فقد كان مجلسه ﷺ مجلس حياءٍ وحِلْم، يُوقَّرُ فيه الكبير ويُرحم فيه الصغير وتُؤَبَّنُ فيه الحُرَم؛ ما يُذكر الناس فيه بالسوء.
وهكذا قد كان يقول بعض الصحابة: إذا صار يجتمع من هذه الأمة مثل العشرين فأكثر، وليس فيهم من يُستحيا منه فقد حلَّ بهم البلاء -والعياذ بالله تعالى-، ذهب خيرهم. ولهذا كانوا يقولون: الشر كل الشر في مجالسة من لا يُستحيا منه؛ القوم الذين يخرج من بينهم الحياء والوقار مجالستهم خراب؛ خراب لِلُّب، خراب للقلب، خراب للآداب، ولكن:
-
"الحياءُ والإيمانُ في قَرنٍ فإذا سُلِب أحَدُهما اتَّبَعه الآخَرُ"، إن ذهب الإيمان ذهب الحياء، وإن ذهب الحياء ذهب الإيمان.
-
وقال ﷺ: "الإيمانُ بضعٌ وسبعونَ شُعبةً، أعلاها شهادةُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ، وأدناها إماطةُ الأذى عنِ الطَّريقِ، والحياءُ شُعبةٌ مِن الإيمانِ".
-
وقال: "إنَّ ممَّا أدرك النَّاسُ من كلامِ النُّبوَّةِ الأولَى: إذا لم تستحِ فاصنَعْ ما شئتَ".
قال: "وكن معتدلًا في جميع أمورك" فإن كلا طرفي قصد الأمور ذميمُ:
-
المبالغة والإفراط.
-
والتقصير والتفريط.
كلاهما مذموم، والوسط والاعتدال هو المطلوب.
"وكن معتدلًا في جميع أمورك"، ولذا نصح الناصح وقال: أحبب مَن أحببت هونًا ما -بنصيب من الاعتدال-؛ فلعله أن يكون عدوك يوما ما، وأبغض مَن أبغضت هونًا ما فلعله أن يكون صديقك يومًا ما"، تتقلُّب الأحوال بالناس، فلهذا لا تُبالغ وتُفرِط ولا تفرِّط.
قال: "وتوقَّ كثرة الكحل".
-
وإنما يكون زينة للمرأة عند زوجها على الخصوص، وبعد ذلك على وجه عام.
-
ولكن الرجل لا يُسَنُّ أن يكتحل إلا عند منامه، -عندما يريد النوم- ينبغي أن يكتحل وترًا في العين اليمنى وفي العين اليسرى، وقيل في اليمنى ثلاثًا وفي اليسرى مرتين ليكون المجموع وترًا.. وهو خمس، والمعتمد أنه ثلاث في اليمنى وثلاث في اليُسرى.
والكحل أفضله بالإثمد، وهذا نوع من الكحل يميل إلى الحُمرَة له حرقة في العين لمَّا تضعه فيها، وقال في الحديث: "عليكم بالإثمد فإنه منبتةٌ للشَّعْر، مَجلاةٌ للبصر".
"والإسراف بالدهن".
-
فإن الدُّهن للبدن كله مما يُستحب.
-
ولكن من وقت لوقت غِبًّا، قال: "ادَّهنوا غِبًّا"، غِبًّا أي: وقتًا بعد وقت، كلما ذهب أثره جدَّده؛ إذ تختلف بعض الأجساد في طبيعتها، منها ما يبقى فيه أثر الدهن مدة طويلة ومنها ما لا يبقى.
-
كذلك الوقت والجو ما بين الصيف والشتاء يختلف، فيذهب ويتلاشى الدهن في وقت الشتاء سريعًا، ويتأخر في وقت الحر ووقت الصيف، فبحسب ما يذهب الأثر يُسَنُّ أو يُستحب الإدهان.
فإنه مؤثِّرٌ في العضلات للإنسان ولعروقه وأعصابه، وسببا لتحصيله نصيباً من الصحة أكثر في قدميه ورجليه وظهره وما إلى ذلك. ويراعي في هذا أن يكون الدهن طبيعيًا سواء من دهن السمسم، أو من دهن الزيتون. أو من غيرها من الأدهان التي مثل دهن النارجيل أو غيره مما يؤخذ بطبيعته، وأما الأدهان التي تُعالج بمعالجة تُطرح فيها كثير من المواد؛ فكثير منها يتحول إلى ضُرٍّ وإلى آفة ترجِعُ على البدن.
قال: "ولا تلج في الحكايات"، تسترسلْ على غير بصيرة.
قال: "ولا تُعلِم أهلك وولدك -فضلاً عن غيرهم- عن مالك"؛ -مقدار مالك، كم عندك؟- "فإنهم إن رأوه قليلاً هُنت عليهم"، لأن موازين النفوس الأمارة إنما تحب المال ومن عنده مال.
غيرَ أنّي -أصبحت- في زمانٍ مَنْ يكنْ
غيرَ أنّي في زمانٍ مَنْ يكنْ *** فيه ذا مالٍ هو المولَى الأجلّ
واجبٌ عند الورى إكرامُهُ *** وقليـلُ المـالِ فيهمْ يُستقلْ
وكل ذلك من الموازين الباطلة لكنها راسخة في نفسيات الناس.
قال: "فإنهم إن رأوه قليلاً هُنت عليهم، وإن رأوه كثيرًا لم تبلغ إلى رضاهم"، فمن الأشياء التي ينبغي للعاقل أن يجعلها في سِرّه ومخفية: مقدار ماله وكثير من شؤونه وأحواله لا ينبغي أن يضيق صدره عن كتمها.
فإذا ضاق صدر المرء عن سِرِّ نفسه ** فصدر الذي يُفشِي له السر أضيقُ
الصدر الثاني أضيق ولا عاد بيقع لك سر، ولكن كثير من الأشياء ينبغي أن تُسِرَّ بها.
قال: "وأحبِّهم من غير عنف، ولِنْ لهم من غير ضعف"، ولا تحملك محبتك لبعضهم على إيغار صدر الآخر، وإظهار الفرق بينه وبين الآخر في المعاملة، فتُحدِث بذلك تباينًا أو تباعدًا بينهم وشحناء بسبب معاملتك، ولكن أحسن المعاملة حتى قال: "وسوُّوا بين أولادكم في العطية".
ولما أرادت بعض النساء أن تأخذ من زوجها لابنها دون أبناء آخرين معه من ضَرَّات لها مالاً، قالت: هبهُ، قال: وهبته له، قالت له: أشهد رسول الله على ذلك. -يعني: روح خلِّ النبي يشهد أنك أعطيته له-، تريد أن تقوي جانب ملك ولدها له. فجاء إلى عند النبي قال: يا رسول الله إن هذا مال وهبته لابني فلان، قال: "أَكُلَّ ولدك أعطيتهم مثله؟" أعطيت باقي الأولاد كلهم مثل هذا؟ قال: لا، قال: "هذا جَوْرٌ، وأنا لا أشهد على جَوْر"، قال: أريدك تشهِد، فقال: أنا لا أشهد على جور؛ هذا حيف وظلم تعطي واحدًا دون الآخرين.
وقال: "وسوّوا بين أولادكم في العطية"، وكذلك المعتمد أنه إذا أعطى الأولاد فيكون في العطاء التسوية بينهم ذكورًا وإناثًا، إنما ذاك في حق الإرث للتركة (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ) [النساء:11]، إذا كانوا كلهم أبناء أو كانوا كلهم إخوان، أمَّا في الإعطاء في الحياة فبالتسوية بين الذكر والأنثى.
قال: "وإذا خاصمت" -واحتجت لذلك واضطُرِرْتَ- "فتوقَّرْ"، ولا تسب ولا تشتم ولا تغتب وإن خاصمت؛ فإن من علامة المنافق إذا خاصم فَجَر، يكذب ويسُبّ ويشتم.. ما لك حق. وإذا عندك خصومة أنت وأحد، وإثبات حق لك أو لغيرك؛ فتكلَّم بما يُثبت الحق من دون أن تسب ولا تشتم، ولا تقابل سيئاته بسيئات منك، فذلك الأولى (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)، قال: فتقول النفس والشيطان: سمعت هذا؟! سيستضعفك وسيستذلّك وكل مرة سيزيد عليك، قال فقل للنفس وللعدو إبليس: الله قال: (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)، وصدق الله وكذبتم أنتم؛ فهو أعلم، أعلم بالمآل وأعلم بالنتيجة -جلّ جلاله- وهو أعلم بخلقه، فقال: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) -ولكنها شاقّة على النفس- لذلك قال: (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) [فصلت:34-35].
-
قالوا لسيدنا عيسى بن مريم -عليه السلام- وقد لَقِيه بعض السفهاء فأخذ يشتمه، فرفع يديه سيدنا عيسى يدعو له، فشتمه ثاني مرة فدعا له ثاني مرة، فشتمه ثالث مرة فدعا له ثالث مرة، والذي معه قال: يا روح الله! هو يسبك وأنت تدعو له؟ قال لهم: كلٌّ يُنفِق مما عنده. هو الذي عنده هذه الوساخة والخساسة، وعندنا نبوة، ما عندنا إلا الخير.
-
ولهذا كان في سنة نبينا أنه ما طُلِب منه الدعاء على قوم إلا عَدَلَ من الدعاء عليهم إلى الدعاء لهم؛ حتى شكوا له قبيلة دوس، قالوا أتعبوا الصحابة وآذوهم وتعنّدوا فادعُ الله عليهم يا رسول الله، ادعُ على دوس هؤلاء، فرفع يديه قال: "اللهم اهدِ دَوْساً وائتِ بهم مسلمين"، قال: فما مرَّت ثلاثة أيام إلا وقد وفد وافدهم بالإسلام على رسول الله ﷺ.
-
وهكذا رأوا التَّعب والمشقة التي نالته ونالت أصحابه يوم أحد فقال له بعضهم: ادعُ الله عليهم يا رسول الله، قال: "اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون"، وقال: "إني لم أُبعث لعّانًا ولا طعّانًا ولكن بالحنيفية السمحة" ﷺ.
قال: "وإذا خاصمت فتوقَّرْ وتفكّر في حُجّتك، ولا تكثر الإشارة بيدك، ولا تجثُ على ركبتيك"، إنما يكون الجُثِي على الركبتين:
-
تعظيمًا وإجلالاً للحق تعالى.
-
أو بين يديّ أرباب الصلاح والخير وما إلى ذلك.
-
وعند الدعاء إجلالًا لله يجوز لك أن تجثُوا على ركبتيك متذللاً وتدعوه.
"وإذا هدأ غضبك فتكلم"؛ أما إذا تتكلم وقت الغضب فإن عدوك في رأسك يلعب بك لعب، ولهذا يقول إبليس: إني أوسوس لابن آدم في قلبه فإذا غضب طرت إلى رأسه، فصرت ألعب به كما يلعب الصبيان بالكرة؛ إذا جاء وقت غضبه لا عاد يعرف شيء، ولا عاد يقف عند حد، وتخرج مقابحه كلها، ويتعدَّى الحدود كلها بسبب الغضب.
ولهذا لما طلب منه الوصية بعض أصحابه: أوصني؟ قال: "لا تغضب"، فجاء ثاني مرة قال: أوصني؟ قال: "لا تغضب"، ثالث مرة جاء من أمامه وجاء من يمينه وجاء من يساره ويقول: "لا تغضب"، كرر مراراً؛ حتى قال له في بعض الروايات بعدها قال له: ويحك! أمَا تفقه؟ قلت لك لا تغضب. وفي رواية قال له: "دُلّني على عمل يُدخلني الجنة؟" قال: "لا تغضب"، أي: لا تغضب لنفسك، لا تُنفِّذ غضبك إذا غضبت لنفسك.
"وإذا هدأ غضبك فتكلم"، وأرشد أنه:
-
إذا نازل الإنسان الغضب وهو قائم فليجلس، أو قاعد فليضطجع.
-
وليتوضأ؛ فإنه تُبرَد به فَوْرة وسَوْرَةُ -شدة- الغضب؛ فإن: "الغضبُ مِنَ النارِ"، "...وإنما تُطْفَأُ النارَ بالماءِ، فإذا غضب أحدُكم فليتوضأ" يذهب غضبه.
-
ولهذا حرّموا على القاضي أن يقضي حالة الغضب، اذهب اهدأ واسكن، وبعد ذلك تعال وأدِّ القضاء في المسألة.
قال: "وإن بُليت بصحبة السلطان" من له أمر ونهي وسُلطة على الناس "فكن منه على حذر"، فحالهم:
-
إن أغضبتهم آذوك.
-
وإن أرضيتهم مَلُّوك.
هكذا حال عامة السلاطين، ولهذا كُن منه على اعتدال وميزان؛ بمقدار ما يوضع الملح في الطعام، فإذا كثَّرت الملح فالطعام يتغير ولا عاد يُسْتَأكَلَ بعدين كله مالح، خلِّ الملح؛ فكذلك مخالطة السلاطين.
كذلك المزاح يكون كالملح ما يزيد، وكذلك الثناء والمدح إذا تمدحه وتثني عليه، يقول الحبيب مصطفى المحضار: المدح كالملح إن زاد وإن نقص، خلِّه معدول على قدر الطعام، الطعام كثير أعطه مقداره، الطعام أقل.. فقلِّل... إذا زيدت بيرجع كله ملوحة ما عاد يصلح.
قال: "ولا تأمن من انقلابه عليك في أي وقت"، فالنفوس والقلوب بيد الله -تبارك وتعالى- مُقلبها؛ ولكن على حسب الصدق والإخلاص يكون النفع، ويكون حفظ الله للإنسان ورعايته به، أو دفع شيء من السوء عنه، "ولا تأمن من انقلابه عليك".
"وارفق به رفقك بالصبي"؛ قال الله لسيدنا موسى وهارون: (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ) [طه:44]. وكلمه بما يشاء فيما يُرضِي الله -تبارك وتعالى- وفيما لا يخرج عن شرع الله.
"وإياك أن تدخل بينه وبين أهله وولده وحشَمه؛ ولو كان مُستمعًا لذلك" ومُستمعًا لك وإذا تداخلت فستبقى بعدين تقع أنت في مشاكل كثيرة وتدخل فيها؛ فخلّك بعيد، وما لا يعنيك لا يعنيك، وإنما تُبلِّغ إليه حاجة من لا يستطيع إبلاغه حاجته إليه، وتنبهه على إنصاف مظلوم ونحو ذلك، فهذه وظيفتك مع السلطان.
وتدعو له في غيْبته أن يوفقه الله للعدل والحق ونُصرة الهدى وهكذا، وأمَّا المُداهنات والمدح بلا صحة ولا قيد؛ فكلها أغلاط تُورِث تبعية ومسؤولية في القيامة عند الله -سبحانه وتعالى-.
يقول ﷺ إذا عُرِف عن أحد نفاقه فلا ينبغي تقول له: يا سيدي، قال ﷺ: "لا تقولوا للمنافِقِ سيدَّنَا -يعني: يا سيدي-، فإِنَّهُ إِنْ يكنْ سيدَكُمْ فقدْ أسخطتُمْ ربَّكُمْ"؛ إذا أهل النفاق سادتكم فقد أسخطتم ربكم -جلَّ جلاله-.
قد كان بعض الصالحين يمر على بعض الأمراء ينصحهم ويخرج، قال: أنا ما أذهب إليهم إلا لنُصحهم ولكن أجد قلبي يتغير، كلما جئت عندهم أحصل تغيرا؛ وأنا ما أروح إلا أنصحهم فقط؛ ولكن مع ذلك أحس أن قلبي يتغير لما أدخل عليهم.
قال: "وإياك وصديق العافية، فإنه أحد الأعداء لك،". صديق العافية وقت ما تكون مبسوط وعندك مال والظروف ممتازة؛ يا حيّا يا حيّا يا مرحبا ويضحك ويجلسك ويدخل معك، ولو وقعت في شدة ولا هو موجود؛ ولا عاد له معرفة؛ هذا صديق العافية! هذا يزيّن لك ما ليس بزين ويصُدّك عن كثير من الخير، عبد نفسه وهواه.
-
دوِّر لك صديق يُعينك على القرب من الله.
-
دوِّر لك صديق يساعدك على الاقتداء برسول الله ﷺ
-
دوِّر لك صديق يُؤاخيك من أجل الله -تبارك وتعالى-.
"وإياك وصديق العافية، فإنه أحد الأعداء لك، ولا تجعل مالك أكرم عليك من عِرضك"، -فتقِي بمالك عِرضك ومكانتك-.
"وإياك وكثرة البصاق بين الناس، فإن صاحبه يُنسب إلى التأنيث -قلة الأدب-، ولا تظهر لصديقك كل ما يؤذيك فإنه متى رأى منك وقفةً أعقبك العداوة".
وتــغــافــل عــن أمــــور إنه *** لـم يـفـز بالحمد إلا مـن غفل
"ولا تمازح -تكثر مزاحًا مع- لبيبًا فيحقد عليك، ولا سفيهًا فيجترئ عليك -يجعلك مضْحَكة- لأن المزاح يخرق الهيبة".
لا تمزحنّ فإن مزحتَ فلا يكن ** مزحًا تُضاف به إلى سوء الأدب
واحذر مُمازحةً تعود عداوةً ** إنَّ المزاح على مُقدمة الغضب
إذا يكثر بعدين! ما درى إلا وقع بعدين غضبة ومهاجرة ومدابرة، يقول: أنا قصدي أمزح، يقول: ماشي تمزح! فلهذا اعتدل.
فلهذا كان ﷺ يُمازح الصحب وقت المزح؛ وقتًا معتدلًا في المزح من غير ما إيذاء ولا كذبٍ.
قال: "ويُسقط المنزلة، ويُذهب ماء الوجه ويعقب الحَزَن، ويزيل حلاوة الود، ويُشين فقه الفقيه، ويُجرّئ السفيه، ويُميت القلب، ويباعد من الرب".
قال الله في المنافقين: (فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [التوبة:82].
قال: "ويعقب الذم، ويُفسخ العزم، ويُظلم السرائر، ويُميت الخواطر، ويُكثر الذنوب، ويُبيّن العيوب"، فهكذا يأتيك شأن الآداب والأخلاق في مسلَكِك في الحياة.
قال: "نسأل الله تعالى أن يهدينا فيمن هدى، ويعافينا فيمن عافى ويتولانا فيمن تولى، ويبارك لنا فيما أعطى، ويقينا شَرِّ ما قضى، فإنه لا رادّ لما قضى، ولا يُعزّ من عادى، ولا يذل من والى"، فكل من عاداه الله لا عِزّة له في دنيا ولا في آخرة مهما تُصوِّر وتُخيِّل غير ذلك، ولا يذِلُّ من والاه الله فهم الأعزّة (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) [المنافقون:8].
"تبارك ربنا وتعالى، نستغفره ونتوب إليه، ونسأله أن يصلي بأفضل الصلوات كلها على عبده المصطفى، وعلى آله وأصحابه أعلام الهدى، وسلم تسليمًا كثيرًا.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي، -وآله وصحبه أجمعين- آمين".
وقد جمع خُلاصة الآداب سيدنا الإمام الحداد -عليه رحمة الله تعالى- في وصيته فقال:
وصيتي لك يا ذا الفضل والأدبِ *** إن شئت أن تبلغ السامي من الرتبِ
وتُدرك السَّبْقَ والغايات تبلغها *** مُهَنَّأً بمنال القَصدِ والأربِ
تقوى الإله الذي تُرجَى مراحمه *** الواحد الأحد الكَشَّاف للكُرَبِ
الزم فرائضه واترك محارمه *** واقطع لياليك والأيام في القُرَبِ
القُرَبِ جمع قربة: وهي الطاعة، "وما يزالُ يتقرَّبُ عبدي إليَّ بالنَّوافلِ -بعد أداء الفرائض- حتَّى أحبَّهُ".
وأشعرِ القلب خوفًا لا يفارقه *** من ربهِ …
(وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [آل عمران:175]. والخوف من الله فيه الأمان، وفي الحديث القدسي: "لَا أَجْمَعُ لِعَبْدِي أَمْنَيْنِ وَلَا خَوْفَيْنِ إِنْ هُوَ أَمِنَنِي فِي الدُّنْيَا أَخَفْتُهُ يَوْمَ أَجْمَعُ عِبَادِي وَإِنْ هو خافني في الدنيا أمنته يوم أجمع عبادي".
....................… *** .............… معه مثلٌ من الرَّغَبِ
من الرجاء وحسن الظن بالله -تبارك وتعالى-
وزيِّن القلب بالإخلاص مجتهداً *** واعلم بأنّ الرياء يُلقيك في العَطَبِ
يُلقيك في العطب: في الهلاك، وهو قصدك الخلق بشيء من عبادة ربك قولا أو فعلا.
ونقِّ جيبك من كل العيوب ولا *** تدخل مداخل أهل الفسق والرِّيَبِ
اللهم نقِّنا من المعايب ورَقِّنا أعلى المراتب
واحفظ لسانك من طعنٍ على أحدٍ *** من العباد ومن نقلٍ ومن كذبِ
لا تطعن على أحد، ولا تنقل فَتَنِمْ ولا تكذب.
وكن وقوراً خشوعاً غير منهمكٍ *** في اللهو والضحك والأفراح واللعبِ
ونزِّه الصدر من غشٍّ ومن حسدٍ *** وجانب الكِبرَ يا مسكين كالعُجُبِ
وارضَ التواضع خُلْقاً إنه خلُق *** الأخيار فاقتدِ بهم تنجو من الوَصَبِ
وَاحْذَرْ وَإِيَّاكَ مِنْ قَوْلِ الْجَهُولِ أَنَا *** …………….
أنا.. أنا؛ مسلك إبليس، مالك لا تسجد لآدم؟ (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ) [الأعراف:12]، هذه يُسمُّونها مدرسة الأنوية والأنانية
وَاحْذَرْ وَإِيَّاكَ مِنْ قَوْلِ الْجَهُولِ أَنَا *** وَأَنْتَ دُونِيَ فِي فَضْلِ وَفِي حَسَبِ
فَقَدْ تَأَخَّرَ أَقَوَامٌ وَمَا قَصَدُوا ***. نيلَ المَكَارِمِ وَاسْتَغْنَوْا بِكَانَ أَبِي
وَخَالِفُ النَّفْسَ وَاسْتَشْعَرْ عَدَاوَتَهَا *** وَارْفُضْ هَوَاهَا وَمَا تَخْتَارُهُ تُصِبِ
وَإِنْ دَعَتْكَ إِلَى حَظِّ بِشَهْوَتِهَا *** فَاشْرَحْ لَهَا غَبَّةَ مَا فِيهِ مِنَ التَّعَبِّ
وَازْهَدْ بِقَلْبِكَ فِي الدَّارِ فَتَنَتْ *** طَوَائِفًا……………..
طوائف: أنواع اتجاهات وأنواع أحزاب في الدنيا فتنت طوائفًا
وَازْهَدْ بِقَلْبِكَ فِي الدَّارِ فَتَنَتْ *** طَوَائِفًا فَأَوْهَا غَايَةَ الطَّلَبِ
قال الله تعالى: (فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * ذَٰلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِ) [النجم:29-30].
… *** … فرأوها غاية الطلبِ
تَنَافَسُوهَا وَأَعْطَوْهَا قَوَالِبَهُمْ *** مَعَ القُلُوبِ فَيَا لِلَّهِ مِنْ عَجَبِ
وَهي الَّتِي صَغَرَتْ قَدْرًا وَمَا وَزَنْتْ *** عِنْدَ الإِلَهِ جِنَاحَةٍ فَالْحَرِيصُ غَبِي
مشير إلى قوله ﷺ: "لو كانَتِ الدُّنيا تَزِنُ عِندَ اللهِ جَناحَ بَعوضَةٍ ما سَقى كافِرًا منها شَربَةَ ماءٍ".
يقول:
وَخُذْ بَلَاغَكَ مِنْ دُنْيَاكَ وَاسْعَ بِهِ *** سَعْيَ المُجِدٌ إِلَى مَوْلَاكَ وَاحْتَسِبِ
وَاعْلَمْ بِأَنَّ الَّذِي يَبْتَاعُ عَاجِلَهُ *** بِآجِلِ مِنْ نَعِيمِ دَائِمِ يَخِـبِ
يَبْتَاعُ عَاجِلَهُ يعني: يشتري عاجله
وَإِنْ وَجَدْتَ فَوَاسِ المَعْوِزِينَ تَفِضْ *** عَلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْأَرْزَاقُ فَاسْتَجِبِ
وَجَدْتَ: ووسَّع الله عليك شيئا، "ما نقصَ مالٌ من صدقةٍ"، بل يزداد، بل يزداد، بل يزداد!
وَإِنْ بُلِيتَ بِفَقْرٍ فَارْضَ مُكْتَفِيًا *** بِاللهِ رَبِّكَ وَارْجُ الفَضْلَ وَارْتَقِبِ
وَإِنْ تَجَرَّدْتَ فَاعْمَلْ بِاليَقِينِ وَبِالْـ *** عِلْمِ إِنْ كُنْتَ مَوْقُوفًا مَعَ السَّبَبِ
وَاتْلُ القَرْآنَ بِقَلْبٍ حَاضِرٍ وَجِلٍ *** عَلَى الدَّوَامِ وَلَا تَذْهَلْ وَلَا تَغِبِ
فَإِنَّ فِيهِ -القرآن- الهُدَى وَالعِلْمُ فِيهِ مَعًا *** وَالنُّورُ وَالفَتْحُ أَعْنِي الكَشْفَ لِلحُجُبِ
وَاذْكُرْ إِلَهَكَ ذِكْرًا لَا تُفَارِقُهُ *** فَإِنَّمَا الذِّكْرُ كَالسُّلْطَانِ فِي القُرَبِ
قال: الذكر في الطاعات والعبادات؛ سلطان.
…………………… *** فَإِنَّمَا الذِّكْرُ كَالسُّلْطَانِ فِي القُرَبِ
وقد مر معكم في الحديث عندما سُئل عن أفضل الصائمين؟ أفضل القائمين؟ أفضل المجاهدين؟ المصلين؟ حتى ذكر الحج وغيره.. فالنبي يقول: "أكثرهم لله ذكرًا"، أي المصلين أعظم أجراً؟ قال: "أكثرهم لله ذكرًا"، أي المتصدقين أعظم أجرًا؟ قال: "أكثرهم لله ذكرًا"، أي المجاهدين أعظم أجرًا؟ قال: "أكثرهم لله ذكرًا"، أي المتصدقين أعظم أجرًا؟ قال: "أكثرهم لله ذكرًا"، فلما رأى الجواب هكذا سيدنا أبو بكر يقول لسيدنا عمر جنبه: ذهب الذاكرون بخير الدنيا والآخرة!. سمعه النبي قال: "أجل"، نعم ذهب الذاكرون بخير الدنيا والآخرة. اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
يقول:
وَاذْكُرْ إِلَهَكَ ذِكْرًا لَا تُفَارِقُهُ *** فَإِنَّمَا الذِّكْرُ كَالسُّلْطَانِ فِي القُرَبِ
وَقُمْ إِذَا هَجَعَ النُّوَّامُ مُجْتَهِدًا *** وَكُلْ قَوَامًا وَلَا تَغْفَلْ عَنِ الأَدَبِ
وَالوَالِدَانِ لَهُمْ حَقٌّ يَقُومُ بِهِ *** مَنْ يَتَّقِ اللهَ وَالمُدْلُونَ بالنَّسَبِ
وَالجَارُ وَالصَّحْبُ لَا تَنْسَ حُقُوقَهُمُ *** وَاخْتَرْ مُصَاحَبَةَ الْأَخْيَارِ وَانْتَخِبِ
وَخَالِقِ النَّاسَ بِالخُلُقِ الكَرِيمِ وَلَا *** تَعْتِبْ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ وَلَا تَعِبِ
وَانْصِفْ وَلَا تَنْتَصِفْ مِنْهُمْ وَنَاصِحَهُمْ *** وَقُمْ عَلَيْهِمْ بِحَقِّ اللَّهِ وَانْتَدِبِ
وَاحْذَرْ مُصَاحَبَةَ الأَشْرَارِ وَالحَمْقَى *** وَالحَاسِدِينَ وَمَنْ يَلْوِي عَلَى الشَّغَبِ
وَحَالِفِ الصَّبْرَ … *** …
خَلِّ حِلْف بينك وبين الصبر..
وَحَالِفِ الصَّبْرَ وَاعْلَمْ أَنَّ أَوَّلَهُ *** مُرٌّ وآخره كالشَّهد والضَّرَبِ
يَا رَبِّ إِنَّكَ مَقْصُودِي وَمُعْتَمَدِي *** وَمُرْتَجَايَ لِدُنْيَايَ وَمُنْقَلَبِي
فَاغْفِرْ وَسَامِحْ عُبَيْدًا مَا لَهُ عَمَلٌ *** بِالصَّالِحَاتِ وَقَدْ أَوْعَى مِنَ الحُوَبِ
لَكِنَّهُ تَائِبٌ مِمَّا جَنَاهُ وَقَدْ *** أَتَاكَ مُعْتَرِفًا يَخْشَى مِنَ الغَضَبِ
فَإِنْ عَفَوْتَ فَفَضْلٌ مِنْكَ يَا صَمَدٌ *** فَجُدْ عَلَيَّ إِلَهِي وَأَزِلْ رَهَبِي
ثُمَّ الصَّلَاةُ عَلَى الهَادِي وَعِتْرَتِهِ *** مُحَمَّدٍ مَا هَمَى وَدْقٌ مِنَ السُّحُبِ
وَمَا تَرَنَّمَتِ الوَرْقَا عَلَى فَنَنِ *** وَمَا تَمَايَلَتِ الْأَغْصَانُ فِي الكُتُبِ
صلوات ربي وسلامه عليه..
ونسأل الله يقبلنا وإياكم ويبارك لنا في ما مضى علينا من رمضان، ويعيد عوائده بالفضل والامتنان والجود والإحسان ما لا يخطر على بال ولا يُتَخَيَّل بخيال، يا كريم يا منان، وبارك لنا -سبحانه وتعالى- في عيدنا عيد الفطر من رمضان، واجعل شهر شوال من أشهُر الخير والبركة والنور لنا وللأمة المحمدية أجمعين.. اللهم آمين.. اللهم آمين.
والذين أيضًا بادروا وعاجلوا بصوم الست من شوال بارك اللهم لهم -وهذا آخر يوم عندهم- واقبلهم في أيامهم ولياليهم كلها، وأعِد عليهم عوائد قبولك بوصلك وتوفيقك وعنايتك ورعايتك بنا وبهم، في جميع الأحوال والشؤون، في الظهور والبطون؛ حتى تُثبِتنا فيمن يهدون بالحق وبه يعدلون.. اللهم آمين.
وبارك في جميع ما أعطيتنا وما أنعمت به علينا، ولا تكلنا إلى أنفسنا ولا إلى أحد من خلقك طرفة عين، وأرنا اللهم في أمة نبيك محمد وأسمعنا فيهم ما تقَرُّ به عين نبيك سيدنا محمد، وما يُسَر به قلب نبيك سيدنا محمد، واجعلنا في خيار أمته، وفي أنفع أمته لأمته، وأبرك أمته على أمته، وانفعنا بأمته عامة وبخاصتهم خاصة.
09 شوّال 1446