كشف الغمة- 280- كتاب الجنائز (17) مسائل متعلقة بالصلاة على الميت -2-

للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني:  كشف الغمة 280- كتاب الجنائز (17) مسائل متعلقة بالصلاة على الميت

صباح الثلاثاء 10 شوال 1446هـ 

 

يتضمن الدرس نقاط مهمة منها:

  • موضع الجنائز 
  • حكم إدخال الجنائز للمساجد 
  • ماذا يقرأ المسبوق لصلاة الجنازة 
  •  عدد تكبيرات الجنازة

 

نص الدرس المكتوب:

"قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: ولما جاءت جنازة أم كلثوم بنت علي وابنها زيد بن عمر -رضي الله عنهما- فصلى عليهما أمير المدينة فسوى بين رؤوسهما وأرجلهما حين صلى عليهما فلم ينكر ذلك عليه، وفي رواية فجعل الولد مما يلي الإمام وأمه وراءه، وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يجعل رؤوس النساء إلى ركبتي الرجال، وكان ﷺ لا يتحرى الصلاة على الجنائز في مكان مخصوص فكان إذا أتوه بجنازة وهو في المسجد قام فصلى عليها، وإذا أتوه بها وهو خارج المسجد صلى عليها في مصلى الجنائز بقرب موضع الدفن.

وقال أنس -رضي الله عنه-: "لما مات ابن أبي طلحة -رضي الله عنه- دُعِيَ رسول الله ﷺ للصلاة عليه فصلى عليه رسول الله ﷺ في منزلهم فتقدم رسول الله ﷺ وأبو طلحة وراءه وأمّ سليم وراء أبي طلحة ولم يكن معهم غيرهم"، وكان أنس -رضي الله عنه- يقول: صلى النبي ﷺ على سهيل بن بيضاء وأخيه في المسجد وتبعه الخلفاء الراشدون، وكان أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- إذا تضايق بهم المصلى انصرفوا ولم يصلوا عليها في المسجد، قال ابن عباس -رضي الله عنهما- وصُلي على أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- في المسجد، ولكن كان ابن عمر - رضي الله عنهما- يقول: "من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له"، وفي رواية عنه: "فلا شيء عليه"، وقال عطاء -رضي الله عنه-: كان أكثر صلاة رسول الله ﷺ على الجنائز في المصلى، قال شيخنا -رضي الله عنه-: وذلك لأن من الاهتمام بشأن الميت في الغالب الخروج معه إلى المقبرة والصلاة عليه في المصلى، لا أنه ﷺ كان يتحرى ذلك، وكانت الصحابة -رضي الله عنهم- يمشون على ترتيب صلاتهم إذا سبقهم الإمام ببعض التكبيرات ويؤيده قوله ﷺ: "ما أدركتم فصلوا وما فاتكم معه فأتموا"، وكان ابن سيرين وابن شهاب -رضي الله عنهما- يقولان: لا يقضي المسبوق ما فاته من صلاة الجنازة والله سبحانه وتعالى أعلم".

 

آللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ، كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ اٌلذّاكِرُون، وَغَفَلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن

 

الحمد لله المكرمِنا بشريعته الغراء وبيانها على لسان خير الورى، عبده المصطفى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبارك وكرم عليه وعلى آله وصحبه ومن سار في دربه وبمجراه جرى، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين، وآلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى الملائكةِ المقربين، وجميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم، إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.

 

والشيخ الشعراني -عليه رحمة الله تعالى- يذكر الأحاديث المتعلقة بالجنائز. 

 

وقال: "قال ابن عباس رضي الله عنهما: لما جِيءَ بجنازة أم كلثوم بنت -سيدنا- علي -بن أبي طالب، وهي زوجة سيدنا عمر بن الخطاب عليهم رضوان الله تعالى- وابنها زيد بن عمر بن الخطاب رضوان الله تعالى، فصلى عليهما أميرُ المدينة". قال: "فسوى بين رؤوسهما" وجعل أحدهما وراء الآخر، "فلم يُنكر ذلك عليه"، والأمر فيه سعة.  "وفي رواية فجعل الولد مما يلي الإمام وأمه وراءه"، "وكان ابن عمر -رضوان الله تعالى عنهما- يجعل رؤوس النساء إلى ركبتي الرجال"، يعني: يؤخرها إلى الجهة اليسرى.

 

"وكان ﷺ لا يتحرى الصلاة على الجنائز في مكان مخصوص فكان إذا أتوه بجنازة وهو في المسجد قام فصلى عليها، وإذا أتوه بها وهو خارج المسجد صلى عليها في مصلى الجنائز بقرب موضع الدفن"، أي: قريب من بقيع الغرقد، موضع الجنائز حيث يصلى عليها، قريب من موضع الدفن

 

إذن، فالصلاة تجوز على الميت في أي مكان، إلا أنه مُختلَفٌ في المسجد هل تُكره أو تُحرم إدخال الميت إلى المسجد؟

 

  • فيقول ابن عابدين من الحنفية: إنه إذا جرت عادة الناس بالصلاة في المساجد لتعذر غيره وتعسره، قال: ينبغي الإفتاء بكراهة التنزيه الذي هو خلاف الأولى، ولا يُكره لعذر نحو المطر ونحوه. وعندهم الأفضلُ أن تُصلى الصلاةُ في الجبانةِ أو الأمكنة أو الدور وهي فيها سواء؛ إلا أنها تكره في الشارع وأراضي الناس. 

  • وكذلك يقولون في الحنفية: تُكره في المساجد التي تقام فيها الجماعة. وأخذوا بحديث أبي هريرة الذي أشار له: "من صلى على ميت في المسجد فلا شيء له"، وقال الإمام النووي: إنه ضعيف لا يصح الاحتجاج به. وهكذا يقولون إن المسجد بني لأداء المكتوبات وتوابعها كنافلة وأذكار وتدريس العلم، وخوف احتمال تلويثِ المسجد. فعندهم كما سمعت الكراهةُ تحريميةٌ، ولكن كما قال ابن عابدين: إنه إذا كان صعباً على الناس أن يصلوا خارج المسجد فتكون الكراهة تنزيهية.

  • كذلك قال الإمام مالك: أكره أن توضع الجنازة في المسجد. قال: فإن وُضِعت قرب المسجد للصلاة عليها فلا بأس أن يصلي من في المسجد عليها بصلاة الإمام الذي يصلي عليها إذا ضاق خارج المسجد بأهله. فعندهم أيضًا كُره إدخال الجنازة المسجد.

  • يقول الشافعيةُ: تُندب الصلاة عليه في المسجد إذا أُمِنَ التلويثُ، فإذا خِيفَ التلويثُ فيحرم إدخالُها للمسجد؛ لأنه ﷺ صلى في المسجد على سهلٍ وسهيل ابني بيضاء كما جاء في رواية الإمام مسلم.

  • وقال الحنابلةُ: تُباح الصلاة على الجنازة في المسجد مع أَمْنِ التلويثِ، فإن لم يُؤمَنْ لم يَجُزْ إدخالُها للمسجد؛ معلومٌ إذا خِيفَ تلويثُ المسجدِ ما يجوز إدخالُ الجنازةِ إلى المسجد بالاتفاق.

 

وإذا أُمِنَ التلويثُ فاستحب الشافعيةُ الصلاة عليها في المسجد ما دام يسع المصلين، و قال بالإباحة الحنابلةُ، وكره ذلك الحنفيةُ والمالكيةُ أن تُدخَل الجنازة إلى المسجد.

 

"وقال أنس -رضي الله عنه-: "لما مات ابن أبي طلحة -رضي الله عنه- دُعِيَ رسول الله ﷺ للصلاة عليه فصلى عليه رسول الله ﷺ في منزلهم فتقدم رسول الله ﷺ وأبو طلحة وراءه وأمّ سليم وراء أبي طلحة ولم يكن معهم غيرهم"، وكان أنس -رضي الله عنه- يقول: صلى النبي ﷺ على سهيل بن بيضاء وأخيه في المسجد وتبعه الخلفاء الراشدون، وكان أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- إذا تضايق بهم المصلى انصرفوا ولم يصلوا عليها في المسجد، قال ابن عباس -رضي الله عنهما- وصُلي على أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- في المسجد، ولكن كان ابن عمر -رضي الله عنهما- يقول: "من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له"، وفي رواية عنه: "فلا شيء عليه"، وقال عطاء -رضي الله عنه-: كان أكثر صلاة رسول الله ﷺ على الجنائز في المصلى -مكان قريب من البقيع-، قال شيخنا -رضي الله عنه-: وذلك لأن من الاهتمام بشأن الميت في الغالب الخروج معه إلى المقبرة والصلاة عليه في المصلى، لا أنه ﷺ كان يتحرى ذلك، وكانت الصحابة -رضي الله عنهم- يمشون على ترتيب صلاتهم".

 

فهذا حكم صلاة المأموم المسبوق إذا جاء والإمام يصلي على الجنازة فإذا جاء رجل وقد كبر الإمام التكبيرة الأولى، ما كان حاضر وقت التكبيرة الأولى: 

  • يقول الحنفيةُ: ينتظرُه حتى يكبر، حتى يكبر التكبيرة الثانية وهو حاضر يُكبر معه؛ فإذا فرغ الإمام كبَر المسبوق التكبيرة التي فاتته قبل أن تُرفع الجنازة؛ هكذا في قول الإمام أبي حنيفة ومحمد من أصحابه. 

  • ويقول أبو يوسف: يكبر حين يحضر؛ إن جاء وقد كبر الإمام تكبيرتين أو ثلاث فإن لم ينتظر المسبوق وكبر قبل تكبيرة الإمام الثانية أو الثالثة أو الرابعة لم تفسد صلاته ولكن لا يُعتدُّ بتكبيراته هذه، فلا عليه أربعُ تكبيراتٍ من غير التي كبرها والإمام في الدعاء هذا عند الحنفية؛ 

  • فإن جاء وقد كبر الإمام أربعًا لكن لم يسلم، في رواية عند أبي حنيفة لا يدخل، والأصحُّ عندهم أنه يدخل ثم يكبر ثلاثًا قبل أن تُرفع الجنازة متتابعًا لا دعاء فيها عندهم هكذا، هذا إذا كان غائب ثم حضر، أما إذا كان حاضر مع الإمام فتغافل ولم يكبر مع الإمام وتشاغل بنية في آخر التكبير، يكبرُ ولا ينتظر تكبيرة الإمام الثانية والثالثة، عند الحنفية كلهم.

  • يقول المالكيةُ: إذا جاء المسبوق والإمام مشتغل بالدعاء يكبر، قالوا: ويجب أن لا يكبِّر حتى إذا كبَّر الإمام كبر معه؛ فإن لم ينتظر وكبَّر صحَّت صلاتُه ولكن لا تُحتسبُ هذه واحدة من الأربع التكبيرات؛ فإذا سلَّم الإمام قضى المأمومُ ما فاته من التكبير، سواء رُفِعت الجنازة أو بقيت، إلا أنه إذا بقيت الجنازة يدعو بعد كل تكبيرة، وإذا قد رُفِعت يكبَّر متواليًا ويسلِّم هكذا يقول المالكية.

  • يقول الشافعيةُ: إذا جاء المأموم وقد فرغ الإمام من التكبيرةِ الأولى أو غيرِها واشتغل بما بعدها من قراءة وغيرها، فإنه يدخل معه ولا ينتظر حتى يكبِّر، بل يدخل مباشرة ويسير في صلاتِه على نظمِ الصلاة لو كان منفردًا؛ بعد أن يكبِّر التكبيرة الأولى يقرأ الفاتحة أو ما أمكنه منها قبل تكبيرة الإمام الثانية، فيسقط عنه الباقي، ثم بعد الثانية يصلي على نبيه، وبعد الثالثة يدعو للميت، وهكذا؛ فمن سبقه الإمام ببعض التكبيرات دخل في الصلاة وأتى بما أدرك، فإذا سلَّم الإمام كبَّرَ ما بقي.

  • يقول الحنابلةُ أيضًا:  مَنْ سُبِقَ ببعض الصلاة كبَّرُ ودخلُ مع الإمام حيث أدركه، ولو بين تكبيرتين ندبًا.

    •  لكن عند الحنفيةِ والمالكيةِ ينتظر حتى يكبِّر أفضل.

    • ولكن عند الشافعيةِ والحنابلةِ ما ينتظر، يكبِّر حيث ما أدرك، 

    • وإن كان أدراكه له بعد التكبيرة الرابعة وقبل السلام، يكبِّر للإحرام معه، ثم إذا سلَّم يقضي ثلاث التكبيرات.

 

يقول عليه رحمة الله تعالى: "ما أدركتم فصلوا وما فاتكم معه فأتموا"، وكان ابن سيرين وابن شهاب -رضي الله عنهما- يقولان: لا يقضي المسبوق ما فاته من صلاة الجنازة"، يكبر ما أدركه مع الإمام ويسلم مع الإمام؛ ولكن الجمهور على أنه لا؛ يكبِّر بعد الإمام التكبيرات التي فاتته وهي أربعُ تكبيراتٍ في صلاة الجنازة، وعند الهادوية خمس تكبيرات.

وإذا زاد عليها -قال الشافعيةُ-: لايتابع الإمامَ على زيادةِ ولا تبطلُ الصلاةُ بالتكبير، وينتظره حتى يسلِّم فيسلِّم معه؛ وأمَّا قولهم في الحديث أنه كبَّر سبعين تكبيرة، فالمرادُ به الدعاءُ لشهداءِ أُحُد، وأنه كان يخلطُ الدعاءَ بالتكبير، فيدعو ويكبِّر ويدعو ويكبِّر ويدعو ويكبِّر وليست  صلاةَ الجنازةِ المعهودةَ.

 

نَظَرَ الله إلينا، ورَحِم أحيانا وموتانا برحمته الوسيعة، ورَفَعَنا مراتبِ قربه الرفيعةِ، ورَبَطَنا بحبيبِه محمدٍ ﷺ ربطًا لا ينحلُّ أبدًا، ورَزَقنا حُسن الاقتداء والاهتداء، وحَمَانا من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا، وأَصْلَح البلاد والعباد، ودَفَعَ الضر والبلايا والفساد، وجَعَلَنا ممن ترعاهم عينُ عنايتِه في جميع الشؤون في الظهورِ والبطونِ. 

 

بسرِّ الفاتحة  

إلى حضرة النبي محمد اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه

الفاتحة

تاريخ النشر الهجري

10 شوّال 1446

تاريخ النشر الميلادي

08 أبريل 2025

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام