كشف الغمة 251- كتاب الصلاة ( 141) مسائل متعلقة بصلاة الخوف

كشف الغمة
للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: 251- كتاب الصلاة ( 141) lمسائل متعلقة بصلاة الخوف

صباح الإثنين 29 جمادى الآخرة 1446 هـ 

 

نص الدرس مكتوب:

"فرع: كان ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: "فرض الله على نبيكم ﷺ في الحضر أربعًا وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة، وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يقول: ليس في صلاة الخوف سجود سهو، وكان ﷺ كثيرًا ما يصف لأصحابه صلاة الخوف ثم يقول: "فإذا كان خوف أشد من ذلك فصلوا بالإيماء وصلوا رجالًا وركبانًا، وكانت الصحابة -رضي الله عنهم- يحملون السلاح في صلاة الخوف، وكانوا يربطون مساويكهم بذوائب سيوفهم فإذا حضرت الصلاة استاكوا بها، وكان ﷺ يرخص لهم في تأخير الصلاة عن وقتها إذا اشتد الخوف وتارة يأمرهم بفعلها بالإيماء. 

 

وقال عبد الله بن أنيس: بعثني رسول الله ﷺ إلى خالد بن سفيان الهذلي وقال: اذهب فاقتله فذهبت فرأيته وحضرت صلاة العصر فقلت: إني أخاف أن يكون بيني وبينه ما يؤخر الصلاة، فانطلقت أمشي وأنا أصلي وأومئ إيماء نحوه فلما دنوت منه قال لي: من أنت؟ قلت: رجل من العرب، بلغني أنك تجمع لهذا الرجل فجئتك لذلك فقال: إني لفي ذلك فمشيت معه ساعة حتى إذا أمكنني علوته بسيفي حتى برد. 

 

وكان جابر -رضي الله عنه- يقول: كنا مع هرم بن حيان -رضي الله عنه- نقاتل العدو فقالوا: الصلاة الصلاة فقالوا: ليسجد الرجل تحت جنته سجدة واحدة، وتقدم في باب المواقيت أن رسول الله ﷺ يوم الأحزاب نادى في أصحابه: "ألا لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة"، فتخوف ناس فوت الوقت فصلوا دون بني قريظة وقالوا: لم يرد منا ذلك، وقال آخرون: لا نصلي إلا في بني قريظة حيث أمرنا رسول الله ﷺ وإن فاتنا الوقت، ففاتهم العصر والمغرب فذكروا ذلك للنبي ﷺ فلم يعنف واحدًا من الفريقين"، والله أعلم".

آللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ،  كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ اٌلذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن 

 

الحمد لله مُكْرِمنا بشريعته وبيانها على لسان خير بريته سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله وسلم وبارك وكرم عليه وعلى آله وصحابته وأهل مودته ومحبته ومتابعته، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين خيرة الرحمن من خليقته، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم وعلى الملائكة المقربين، وعلى جميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.

 

يذكر الشيخ الشعراني -عليه رحمة الله- في هذا الفرع: بعض ما يتعلق بصلاة الخوف؛ بعد أن تقدم عن الصلاة عند القتال والجهاد في سبيل الله -تبارك وتعالى- كيف تكون؟ وذكرنا أنواعها وما قال به كل من الأئمة من هذه الأنواع الأربعة لصلاة الخوف. 

ومما تقدم أيضًا معنا أن الصلاة عند الجهاد والقتال وعند الخوف لا تزيد عدد ركعاتها ولا تنقص، بل إن كانوا في قصرٍ فركعتان وإلا فأربع وإن كانوا في مغربٍ فثلاث، وإن كانوا في جمعة أو في صلاة صبحٍ؛ أو صلوا عيدين ونحوها فركعتان، هذا أمر معلوم وعليه جماهير أهل العلم على ممر القرون، إلا ما يروى عن ابن عباس أنه عند شدة الخوف يجوز أن تصلى الصلاة ركعة واحدة، ولم يقل بذلك غيره؛ فذكر -رحمه الله- قال: "يقول رضي الله عنهما: يقول: "فرض الله على نبيكم ﷺ في الحضر أربعًا وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة" ولم يقل بهذا غيره، بل قال أيضًا في الخوف مكانها إما ركعتين وإن كانوا في الإقامة في الوطن فأربع، وإن كانوا في مغرب فثلاث. 

 

"وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يقول: ليس في صلاة الخوف سجود سهو"، أما ما يتعلق بسجود السهو فإن الإمام يتحمل السهو عن المأمومين إذا صلى بهم؛ إن كان صلى بهم ركعتين ثم بالآخرين ركعتين في جميع ذلك، وإلا سهو الطائفة الأولى في الركعة الثانية لا يتحملوه لانقطاع قدوتها.

  • سهو الإمام في الركعة الأولى يلحق الكل فيسجدون للسهو إلى آخرهم. 

  • وسهوه في الثانية لا يلحق الأولين لأنهم قد كملوا ركعتهم وانصرفوا.

إذاً فهذا ما يتعلق بشأن السهو، يقول: "وليس في صلاة الخوف سجود سهو"

 

"وكان ﷺ كثيرًا ما يصف لأصحابه صلاة الخوف ثم يقول: "فإذا كان خوف أشد من ذلك فصلوا بالإيماء وصلوا رجالًا وركبانًا"، وهذه الكيفية الرابعة عند التحام الحرب وفي التحام الحرب صلوا مهما أمكنهم ركبان أو بالإيماء، "فصلوا بالإيماء وصلوا رجالًا وركبانًا"، وكان ابن عمر يقول: مستقبل القبلة وغير مستقبليها؛ كما جاء في البخاري، وقال الراوي: ما أرى ابن عمر إلا ينقله عن رسول الله ﷺ،  ففي هذه الحالة وهي حالة التحام الحرب إذاً يسقط وجوب استقبال القبلة لمن شق عليه ذلك، ومن أيضًا لم يتمكن من الركوع والسجود فالإيماء يكفي، فإن تمكن من الركوع دون السجود فليركع وليومئ بالسجود بحسب حالتهم التي يتمكنوا فيها من أداء أركان الصلاة فيؤدونه؛ وما لم يتمكنوا منه فيكفي الإيماء بالركوع وبالسجود.

قال: "وكانت الصحابة -رضي الله عنهم- يحملون السلاح في صلاة الخوف، وكانوا يربطون مساويكهم -أي: أسوكتهم - بذوائب سيوفهم فإذا حضرت الصلاة استاكوا بها".

وفي الآية الكريمة يقول: (وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِن وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ..)[النساء:102]، إذاً فحمل السلاح في هذه الصلوات يكون مستحب وقيل واجب، واتفقوا على أنه إن كان خافوا من عدم حمل السلاح ووقوع الضرر بهم فيصير حمل السلاح واجب، نعم، لكن وجوبه من أجل دفع الضر لا من أجل صحة الصلاة، الصلاة تصح ولو من دون حمل السلاح، ولكن وجوبه من أجل دفع الضر عن القوم إذا خافوا الضرر، إذاً فيكون مستحب ويُكره تركه لمن لا عذر له، فيقول سبحانه وتعالى: ( وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَىٰ أَن تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ ۖ)، في مثل هذه الحالة حالة المطر وحالة المرض يجب على قول بالوجوب ولا يستحب حمل السلاح لوجود العذر، كما جاء في الآية الكريمة يقول: ( وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَىٰ أَن تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ ۖوَخُذُوا حِذْرَكُمْ )، إذاً فهذا حمل السلاح.

 

ثم يقول: "وكان ﷺ يرخص لهم في تأخير الصلاة عن وقتها إذا اشتد الخوف وتارة يأمرهم بفعلها بالإيماء"  فهذا يأتي في الكلام عن الجمع، هل يجوز الجمع للخوف؟ 

  • ذهب الحنابلة إلى أنه يجوز لأجل الخوف الجمع تقديمًا وتأخيرًا، وفي الغالب يكون تأخير إذا خافوا في وقت من إقامة الصلاة فيؤخرونها إلى وقت الظهر إلى العصر أوالمغرب إلى العشاء، فذهب الحنابلة عليه وبعض الشافعية والرواية عند المالكية: أنه يجوز الجمع بسبب الخوف.

  • وذهب أكثر الشافعية وكذلك الرواية الأخرى عن المالكية لا يجوز الجمع بسبب الخوف لثبوت أحاديث المواقيت وما لا يجوز مخالفتها إلا بنص صريح.

  • وأما الحنفية فكما سمعنا من قبل لا جمع عندهم لا بسفر ولا بمرض ولا بخوف ولا بشيء من هذه الأشياء فلا جمع عندهم) بل كل صلاة في وقتها.

يقول:" وكان ﷺ يرخص لهم في تأخير الصلاة عن وقتها إذا اشتد الخوف وتارة يأمرهم بفعلها بالإيماء". 

 

"وقال عبد الله بن أنيس: بعثني رسول الله ﷺ إلى خالد بن سفيان الهذلي" -ابن نبيع هذا؛ جمع جموعًا يريد قتال النبي  فجمع جموعًا من القبائل ونحوهم حول عرفة يريد أن يغزو بهم المدينة ويقاتل رسول الله ﷺ، فبعث النبي  سيدنا عبد الله بن أنيس يجيء له بخبر الرجل، فتوجه سيدنا عبد الله بن أنيس فوجده هذا الذي يجمعهم خالد بن سفيان الهذلي معه نساء يريد أن يوصلهن إلى مكانهن، فمشى معه، مشى معه قال: حضرت وقت الصلاة يقول: لما حضرتني وقت صلاة العصر خفت أن تفوتني فأيه صلح؟ إن صلى قدامه بيعرف أن هذا مسلم جاء قال: "إني أخاف أن يكون بيني وبينه ما يؤخر الصلاة، فانطلقت أمشي وأنا أصلي وأومئ إيماء نحوه فلما دنوت منه قال لي: من أنت؟ قلت: رجل من العرب بلغني أنك تجمع لهذا الرجل" -جموع لأجل تقتله- ٠"قال: نعم قال:  فجئتك لذلك" -جئنا معكم وفيه الكذب في الحرب يجوز في حالة الحرب كما يجوز في حالة الإصلاح بين المتخاصمين؛ قال له أنا جيت سأنصركم؛ سأقوم معكم سنقاتله لهذا الرجل أي النبي   وهو جاء من عند النبي محمد ﷺ، فقال: إني لفي ذلك -مرحبًا تعال سأوصل الآن هؤلاء النساء وأرجع، وفيه كان احترام شأن النساء ورعايتهن من قِبَل الرجال حتى في الجاهلية، ولا ترك النساء يروحن وحدهن وهو مشرك وكافر، ومشى مع  النسوان حتى يوصلهن إلى مكانهن،  انظر لمّا ادّعى الإنسان التطور كيف صلح برجاله وبنسوانه؛ ولا عاد شرف ولا كرامة للرجال ولا للنساء  -والعياذ بالله تبارك وتعالى-، قال: فلما تمكن منه ووصل النساء "حتى إذا أمكنني علوته بسيفي حتى برد" قتله؛ فرجع يجري نحو المدينة المنورة وتفرقت الجموع بعد ما قُتل هذا، تفرقت الجموع التي جمعها، وعاد إلى المدينة المنورة، فلما جاء استأذن على النبي  في بيته، فأذن له ودخل لما دخل سلم عليه، وقال: أفلح وجه الرجل، فقال: أقتلته، قال: نعم يا رسول الله، فجلس عنده فحدث بما كان منه وما حصل من تفريق الجموع، فقال: أعطاه  عصا كانت عنده، قال له: خذها ولا تعطيها أحد خلها معك.

 

كان جماعة من الصحابة من تشوفهم وتشوقهم لأخبار الحبيب  وما يجري؛ جالسين تحت الحجر تحت البيت الكريم، منتظرين عبد الله بن أنيس لما دروا به جاء ودخل على النبي  ومنتظرين خروجه؛ وايش قال للنبي وايش قال له النبي  

فخرج قال له: ما قال؟ قال: قلت له كذا وقال لي كذا وابتدأني وقال: أفلح وجه الرجل قتلته، قلت: نعم يا رسول الله، فحدثته بالحديث فأعطاني هذا العصا وقال لا تعطيها، قال له: لماذا قال لك لا تعطيها أحد وأعطاك؟ قال: لا أدري، قال له: ارجع إليه فاسأله، فاستأذن ودخل على النبي  وقال: لم  قلت لي لا تعطي هذه العصا لأحد يا رسول الله؟ قال: آية تكون بيني وبينك يوم القيامة، يعني تجيبها تذكرنا بالموقف اللي وقفته هذا من شأن المكانة والشفاعة هناك في القيامة، قال لهم: قال لي آية تقوم بيني وبينه يوم القيامة، فكان يربطها بالرمح -حقه- يربطها إذا خرج إلى الجهاد يخرج بها، وأوصى إذا مات أن تجعل بين بدنه وكفنه -عليه رضوان الله - سيدنا عبد الله بن أنيس.

فمن تأمل أحوال الصحابة بإيمانهم هذا وأذواقهم يقول: ما لهم صوفية هدول! هكذا يفعل الإيمان بأهله، هكذا يفعل الإيمان بأهله، فصدقهم بإيمانهم جعلهم بهذه المثابة وبهذه الصورة.

 

ثم بعد ذلك يقول:

وكان جابر -رضي الله عنه- يقول: كنا مع هرم بن حيان -رضي الله عنه- نقاتل العدو فقالوا: الصلاة الصلاة فقالوا: ليسجد الرجل تحت جنته سجدة واحدة، وتقدم في باب المواقيت أن رسول الله ﷺ يوم الأحزاب نادى في أصحابه: "ألا لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة".

 

في جواز القتال في الصلاة:

  • قال الجمهور: نعم في الحالة الشديدة التي ما يمكنهم أن يصلوا فيها مستقلين ووقت الجد يجوز لهم أن يصلوا عند التحام الحرب وأن يقاتلوا وهم يصلون، نعم.

  • ولم ير ذلك الحنفية -الحنفية وحدهم- قالوا: لا، إذا في صلاة ماشي قتال، في قتال ماشي صلاة، يعذر في التأخير ويؤخر ويصلي بعد ذلك إذا كان جاء الوقت كله وهو في القتال.

  • لكن قال جمهور العلماء من الأئمة الثلاثة وغيرهم: يجوز القتال في هذه الحالة الشديدة ويعفى عن الحركات والضربات والطعنات المتواليات، ويعذر في الكر والفر، ولا يعذر في الصياح، الصياح لا وقت الصلاة ليش الصياح، الصياح شغل الجبان ما تصيح اسكت ساكت، ولكن اشتغل بما أنت فيه من ذكر الصلاة واضرب وتقدم وتأخر لأجل مصلحة الجهاد فذلك جائز. (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا ۖ) [البقرة: 239].

والحنفية يقولون: يشترط لجواز الصلاة أن لا يقاتل، فإن قاتل فقد خرج عن هيئة الصلاة.

 

يقول: "ليسجد الرجل تحت جنته سجدة واحدة".

وكذلك ذكر لنا حديث بني قريظة، قال: فلما جاء سيدنا جبريل بعد غزوة الخندق ورجع؛ فر المشركون ورجعوا ودخل النبي  إلى بيته وأخرج الثياب -لامة الحرب- وأخذ يغتسل، جاءه سيدنا جبريل يقول: وضعت لامة الحرب؟ قال: نعم، قال: لكن نحن الملائكة لم نضعها بعد وأشار إلى بني قريظة، قال: أخرج لي هذول اللي خانوا العهد ونقضوه، وتعاهدوا مع الكفار يدخلوهم من جانبهم لضرب النبي ، فخرج  ولبس لامة الحرب ورجع وأمر المنادي ينادي: "ألا لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة"، وكان سيدنا جبريل في تلك الحالة تصور بصورة دحية الكلبي، فخرج  من البيت مر على جماعة من الصحابة قال: مر بكم هنا أحد؟ قالوا: دحية الكلبي على فرس، قال: ذاكم جبريل، ومشوا معه، والمنادي ينادي: لا يصلين رسول الله ﷺ يقول لكم ماشي صلاة عصر إلا في بني قريظة، لأن الوقت كان بعد الظهر، فخرجوا كل من سمع النداء خرج، فالمتأخرين الذين خرجوا وأدركهم الوقت، قالوا: الآن إن أخرنا الصلاة تغرب الشمس ونأخر الصلاة عن وقتها، وقالوا جماعة منهم: ألم يقل لنا لا تصلوا إلا في بني قريظة وهو رسول الله؟ غربت ما غربت ما علينا، فجماعة منهم باجتهادهم هذا في النص الشريف تأخروا أخروا الصلاة فات العصر فات المغرب وصلوا العشاء لبني قريظة صلوا العصر ومغرب وعشاء قصر، وجماعة صلوا قالوا: أن النبي لم يرد هذا أراد أن نستعجل بالخروج من المدينة وليس قصده نأخر الصلاة عن وقتها، فنحن سنصلي لأجل ضرورة الوقت ونلحقه فصلوا في الطريق، فجاءوا إلى النبي وأخبروه؛ أخبروه بما حصل للفريقين أهل الاجتهاد في النص؛ وهم أهل الإجتهاد كل منهم يتحرى مراد رسول الله  وما يدل عليه أمره، وهذا هو الأساس للمذاهب أهل الحق أهل السنة التي قامت على حسن النظر في الكتاب والسنة وما كان من إجماع وقياس، فأقر الجميع ولم يعنف أحد، ما قال أنت مبتدع ولا أنت مقدم ولا مؤخر ولا فعل ولا غلطان، أقر الجميع ﷺ؛ لأن الجميع لم يتصرفوا بأهواء ولا بشهوات ولا بنفوس ولكن باجتهاد في كلامه، وإرادة لتطبيق مراده ﷺ كلٌ أراد ذلك فلم يعنف أحدًا صلوات ربي وسلامه عليه، فهذا بداية تأسيس المذاهب الصحيحة القائمة على علم ومعرفة، واتباع خالص لا يشوبه إرادة غير وجه الله جل جلاله وتعالى في علاه.

يقول: "فلم يعنف واحدًا من الفريقين"، والله أعلم."

 

قال الحبيب عمر الجولاني بطلب من الحبيب عمر بن حفيظ: 

 

صلاة شدة الخوف تقررها العلماء من الشافعية وقد وردت بصيغ كثيرة بلغت ستة عشر نوعًا، لكن الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- اختار أربعة التي سمعناها من الحبيب عمر، وهذا من حرص النبي  الذي أمره سبحانه وتعالى بإقامة الصلاة حتى في الحرب وهم يجاهدون ويقاتلون، وفي حرب المواجهة وليس حربًا من بعد؛ يقاتلون ويسجدون ويؤدون الصلاة، ويدل هذا على عظيم فضل الصلاة، وأنه لا يجوز ترك الصلاة بأي حال من الأحوال، وأن هذا الإقامة للصلاة هو السبيل إلى تحقيق النصر، ولذا نصرهم الله -سبحانه وتعالى- في مواطن كثيرة؛ لأنهم قاموا على أمر الله -سبحانه وتعالى- لهم بوجوب أداء الصلاة ولا عذر في تأخيرها إلا لساه أو نوم أو للجمع أو للإكراه. 

الصلاة لا عذر في تأخيرها إلا:

إذا كان الإنسان قد سهى؛ وسهوه هذا مقيد بأن يكون ناشئًا عن فعل طاعة أو فعلًا غير مكروه فضلًا أن يكون محرمًا.

والنوم أيضًا يكون عذرًا من أعذار الصلاة لكنهم يشترطون أن يكون قبل دخول الوقت أو بعد دخول الوقت، وقد كان من عادته الاستيقاظ  أو وكل إلى غيره أن يوقظه فهنا يكون معذورًا؛ أما أن نشأ السهو عن لعب كمشاهدة أمور لا ينبغي للإنسان أن يشاهدها فمضى عليه الوقت نسيانًا عن أداء الصلاة فلا يكون معذورًا بهذا النسيان.

والصلاة عمود الدين، والصلاة أمرها من الدين بمنزلة الرأس للجسد.

إبراهيم -عليه السلام- عندما أسكن ذريته عند المسجد الحرام قال:

(رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ) [إبراهيم: 37].

ثم في آخر دعواته وقد تركهم وهو سائر إلى بلاد الشام وكان في محل سُمي المُدَّعى بعد ذلك قال (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ * رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ﴾ [إبراهيم 40 -41].

وآخر كلمة سُمعت من رسول الله ﷺ "الصلاة الصلاة" حتى قال الراوي حتى قال  ولا يكاد بها يبين. 

 

الله يجعلنا مقيمين الصلاة ومن ذرياتنا، ربنا تقبل منا وعافنا واعفُ عنا، واجعل ذلك لنا ولأولادنا ولأحبابنا ولأصحابنا على هذه النية، 

آمين جمعا 

جامعة لجميع الخيرات دافعة للآفات عنا وعن الأمة في المشارق والمغارب، داف لجميع المصائب والنوائب، ونصرة من الله للحق والعدل والدين، وتخذل للظالمين والفاسقين والمجرمين المعتدين، ولا يبلغ الله أعداء الدين مرادًا بنا، ولا حَد من المسلمين، وحوّل أحوال المسلمين إلى خير في لطف وعافية.

 

بسر الفاتحة 

إلى حضرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه

 الفاتحة

تاريخ النشر الهجري

02 رَجب 1446

تاريخ النشر الميلادي

01 يناير 2025

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام