كشف الغمة 249- كتاب الصلاة (139) التكبير والذكر أيام العيدين
شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب كشف الغُمَّة عن جميع الأمة، للإمام عبدالوهاب الشعراني: 249- كتاب الصلاة ( 139) التكبير والذكر أيام العيدين
صباح السبت 27 جمادى الآخرة 1446 هـ
يتضمن الدرس نقاط مهمة، منها:
- - فوائد ذكر الله
- - بماذا يكون إحياء ليلة العيد؟
- - ليال يستحب إحياؤها
- - أقل الإحياء
- - معاني التكبير في العيد
- - الاستغفار في ليلتي العيد
- - كثرة ذكر الله في أيام العشر وأيام التشريق
- - الأيام المعلومات والأيام المعدودات
- - مواطن التكبير في العيد جهرا
- - التكبير المرسل والتكبير المقيد
- - خروج رسول الله لصلاة العيد بالتكبير
- - وقت ابتداء التكبير ونهايته في عيد الأضحى
- - التكبير في العشر عند رؤية الأنعام
- - تكبير الصحابة في السوق
نص الدرس مكتوب:
فصل في التكبير وغيره
"كان رسول الله ﷺ يحث على الذكر والطاعة في ليلتي العيدين ويقول: "من أحيا ليلتي العيدين لم يمت قلبه يوم تموت القلوب"، وكان ﷺ يحث على التكبير ليلة الفطر وكثرة ذكر الله تعالى في أيام العشر وأيام التشريق ويقول: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله -عز وجل- من هذه الأيام يعني أيام العشر فأكثروا فيهن من التكبير والتحميد والتهليل"، وكانت الصحابة -رضي الله عنهم- يحثون على تكبير عيد الفطر أكثر من الأضحى لقوله تعالى: ﴿وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة: 185] وكان ﷺ يقول: "أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل"، وكان ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: واذكروا الله في أيام معلومات أيام العشر والأيام المعدودات أيام التشريق، وكان ﷺ يقول: "زينوا أعيادكم بالتكبير والتهليل والتحميد والتقديس"، وكان ابن عمر وأبو هريرة -رضي الله عنهما- يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس لتكبيرهما، وكان عمر -رضي الله عنه- يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى، وكان علي وعمر -رضي الله عنهما- يكبران بعد صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة الظهر من آخر أيام التشريق، وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يكبر خلف الصلوات في أيام التشريق من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق وكذلك الأئمة بعده، وتارة كان يكبر إلى صلاة الفجر من آخر أيام التشريق، وكان أنس وغيره -رضي الله عنهم- يبتدئون بالتكبير من صلاة الصبح يوم النحر إلى آخر أيام التشريق وكان النساء يكبرن خلف عمر بن عبد العزيز أيام التشريق مع الرجال فلا ينكر عليهن، والله سبحانه وتعالى أعلم"
آللهُمَّ صلِّ أَفضلَ صَلَواتِكَ على أَسْعدِ مَخلوقاتكِ، سَيِدنا محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبهِ وَسلمْ، عَددِ مَعلوماتِكَ ومِدادَ كَلِماتِكَ، كُلََّما ذَكَرَكَ وَذَكَرَهُ اٌلذّاكِرُون، وَغَفِلَ عَنْ ذِكْرِكَ وَذِكْرِهِ الغَافِلوُن
الحمد لله مُكرِمِنا بشريعته الغراء، وبيانها على لسان عبده وحبيبه خير الورى سيدنا محمد صلى الله وسلم وبارك وكرم عليه وعلى آله الذين حازوا به الطُهرا، وأصحابه الذين رفعوا به قدر، وعلى من والآهم واتبعهم بإحسان وبمجراهم جرى، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين السادات الكُبرى، الراجين في الفضل والشرف أعلى الذُرى، صلوات الله وسلامه عليهم وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم والملائكة المقربين، وجميع عباد الله الصالحين وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
ويذكر الشيخ -عليه رحمة الله تعالى- بعض ما جاء في التكبير والذكر أيام العيدين، والذكر لله -تبارك وتعالى- شرع للمؤمنين به في مختلف أحوالهم، قال تعالى: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ ) [آل عمران: 191]، ثم خُصَّت مواطن وأعمال وأوقات باستحباب كثرة الذكر فيها وأذكارٍ معينة، كل ذلك لحِكمٍ من حكم الحكيم -جل جلاله وتبارك وتعالى- علم أن في ذلك خير عباده ودفع الآفات عنهم واستجلاب الخيرات لهم.
ويقول: "كان رسول الله ﷺ يحث على الذكر والطاعة في ليلتي العيدين -أي" عيد الفطر وعيد الأضحى- ويقول: "من أحيا ليلتي العيدين لم يمت قلبه يوم تموت القلوب"".
فإحياؤها يكون بكثرة العبادة والطاعة فيها:
-
فأوله من صلاة المغرب في جماعة والعشاء في جماعة والعزم على صلاة الصبح في جماعة.
-
ثم بعد ذلك شغل حيز من الليل بالتكبير وتلاوة القرآن.
-
أو مدارسة العلم أو الصدقة ونحو ذلك من أفعال الخير.
-
مع أخذ النصيب من صلاة الوتر، والتي أفضلها وأكثرها إحدى عشرة ركعة بعد صلاة العشاء، مع الاستغفار بالأسحار.
بذلك يكون أحيا ليلة العيد، فيتعرض قلبه لأن يكون حيًا في يوم القيامة، (يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ*إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)[الشعراء:88-89]، لم يمت قلبه يوم يموت القلوب.
وفي روايةٍ: "من أحيا الليالي الخمس وجبت له الجنة"،
-
وذكر أول ليلة من رجب؛ هذه التي تأتينا إن شاء الله مساء يوم الثلاثاء ليلة الأربعاء الآتي.
-
وليلة النصف من شعبان.
-
وليلة عرفة.
-
وليلة عيد الفطر.
-
وليلة عيد الأضحى.
خمس ليالٍ مما يستحب إحياؤها.
فجاءنا في قيام الليل على وجه العموم والتهجد في الليل، قال الله لنبيه: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ) [الإسراء: 79]، وقال: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ* قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا* نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا* أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا) [المزمل:1-4]، ثم خَص ليالٍ معينة:
-
كأمثال ليالي رمضان وخصوصًا العشر الأواخر منه.
-
وليلة التروية.
-
وليلة عرفة.
-
وليلة عيد الأضحى.
-
وليلة النصف من شعبان.
-
وأول ليلة من رجب.
فهي من الليالي التي يستحب إحياؤها على وجه الخصوص.
وعلمنا إحياؤها والذي أدناه وأوله: من الصلاة في جماعة للمغرب والعشاء والفجر، ثم بعد ذلك عمارة الليل بنصيب من نافلة في الصلوات ومن قراءة القرآن ومن التكبير خصوصًا ليلتي العيد، فهو من أفضل الأعمال الصالحة.
والتكبير: هو الإجلال والإعظام، ومعناه تنزيه الحق تبارك وتعالى عن أن يحيط به محيط، أو يكيفه مكيف.
الله أكبر من كل ما يخطر على الأوهام.
الله أكبر من كل ما يرد في البال.
الله أكبر من أن يحاط بأوصافه وأسمائه فضلًا عن ذاته.
الله أكبر فهو أجل وأعظم وأعلى من كل ما يخطر في الذهن والبال.
فهذا التكبير:
-
جُعل شعارًا لأعياد المسلمين وللنصر، الله أكبر.
-
وفيه تثبيت الإيمان وتنميته وتقويته في القلوب.
-
وفيه إخراج تعظيم سوى الحق سبحانه وتعالى من الفؤاد وباطن المؤمن.
قال: "وكان -ﷺ- وكان يحث على التكبير ليلة الفطر" قال تعالى: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ) [البقرة:185]، (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ) عدة رمضان (وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ)؛ ومن هنا جاء استحباب التكبير ليلتي العيدين، ليلة عيد الفطر وليلة عيد الأضحى.
مع أنه "في كل ليلة ساعة لا يوافقها رجلٌ مسلم يسأل الله خيرًا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه" كما جاء في صحيح مسلم، ولكن إحياء الليالي المخصوصة أفضل وأعظم، ومنها العشر الأُوَل من ذي الحجة كلها، وخصوصًا ليلة التروية: وهي ليلة الثامن، وليلة عرفة ليلة التاسع وليلة العيد.
قال أنس بن مالك -رضي الله عنه-: "أُمرنا أن نستغفر بالسحر سبعين مرة"، وهكذا كان أيضًا ابن عمر يحيي الليل، يقول: "يا نافع أسحرنا؟" يعني: اقترب وقت الفجر، فأقول: "لا"، فيعاود للصلاة، فإذا قلت: "نعم"، قعد يستغفر حتى يطلع الفجر لقوله تعالى:
-
(الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ) [آل عمران:17].
-
وقوله سبحانه وتعالى: (كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [الذاريات: 17-18].
يقول ابن مسعود: "اللَّهُمَّ دَعَوْتَنِي فَأَجَبْتُكَ، وَأَمَرْتَنِي فَأَطَعْتُكَ، وَهَذَا سَحَرٌ فَاغْفِرْ لِي" رضي الله تعالى عنه.
فيُسن إذًا ويُندب إحياء ليلتي العيدين باتفاق الفقهاء، يقول: "مَنْ قَامَ لَيْلَتَيِ الْعِيدَيْنِ مُحْتَسِبًا لِلَّهِ، لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ" هكذا جاء في رواية ابن ماجه.
الله أكبر.
ثم التكبير ليلة العيد وعند الذهاب أيضًا إلى العيد.
قال: "وكثرة ذكر الله تعالى في أيام العشر"، وهي عشر ذي الحجة "وأيام التشريق، ويقول: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله -عز وجل- من هذه الأيام يعني أيام العشر فأكثروا فيهن من التكبير والتحميد والتهليل"، وتعددت الروايات في ذلك، وأن أفضل الأعمال أعمال يوم العشر -أيام العشر- العشر الأول من شهر ذي الحجة.
"وكانت الصحابة يحثون على تكبير عيد الفطر أكثر من الأضحى، لقول الله تعالى: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ) عدة رمضان (وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ) [البقرة: 185]، وكان ﷺ يقول: "أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل"، قال تعالى: ( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ) [الحج:28]، ويقول: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ۚ)[البقرة: 203].
-
والأيام المعلومات هي: أيام العشر.
-
والأيام المعدودات هي: أيام التشريق، الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر.
(وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) [البقرة: 203].
قال: "وكان ﷺ يقول: "أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل، وكان ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: واذكروا الله في أيام معلومات أيام العشر والأيام المعدودات أيام التشريق، وكان ﷺ يقول: "زينوا أعيادكم بالتكبير والتهليل والتحميد والتقديس" أي: التسبيح.
فيقول جمهور فقهاء الشريعة: يُكبِّر في المنازل والمساجد والأسواق والطرق عند الغدو إلى الصلاة جهرًا إلى أن تبدأ الصلاة.
-
وعند الحنابلة: إلى فراغ الخطبة.
-
وكذلك يقول أبو حنيفة: إن التكبير في عيد الأضحى جهرًا، وفي عيد الفطر سرًا للخروج إلى المصلّى.
-
ولكن يقول صاحباه -محمد وأبو يوسف-: يُكبّر جهرًا وأمّا في عيد الأضحى فبالاتفاق، أن يُكبّروا جهرًا إعلانًا للشِعار، وإظهاراً لشعائر العيد.
قال: وتكبير ليلة الفطر آكد، وصلاة عيد الأضحى آكد من صلاة عيد الفطر.
-
والتكبير المطلق الذي هو ليلة العيد.
-
أما التكبير المقيد بالصلوات فهو أفضل.
-
فيقول الشافعية والحنابلة: من غروب شمس ليلة العيد إلى وقت الصلاة هذا وقت التكبير المرسل؛ يسمى المرسل أو المطلق أي: غير المقيد بالصلوات .
-
وأما التكبير المقيد بعد الصلوات فلا شيء منه في عيد الفطر، وإنما في عيد الأضحى.
-
فعلى هذا إذا صلى ليلة عيد الفطر يبادر بأذكار الصلاة ونحوها، ويجعل التكبير بعد ذلك لأنه من المرسل وليس مقيدًا بالصلاة.
قال تعالى: ﴿وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ [البقرة: 185].
جاء عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج في العيدين مع الفضل بن عباس، وعبد الله بن عباس، وجعفر، والحسن، والحسين، وأسامة بن زيد، وزيد بن حارثة، وأيمن بن أم أيمن، رافعًا صوته بالتهليل والتكبير، ويأخذ طريق الحدّادين حتى يأتي المصلى.
-
فيقول الحنفية: إذا وصل المصلّى قطع التكبير.
-
ويقول الشافعية: يستمر في التكبير إلى أن يُحرم الإمام بصلاة العيد.
-
وهكذا يقول بعض المالكية وهو أيضًا رواية عند الإمام أحمد بن حنبل -عليه رحمة الله تبارك وتعالى-؛ إلى أن يخرج الإمام إلى المصلى فيكبر فإذا كبر انقطع تكبيرات العيد المرسلة.
والتكبير في أيام التشريق أيضاً عقِب الصلوات:
-
يقول الحنابلة والشافعية وبعض الحنفية: سُنّة.
-
يقول المالكية: هو مندوب.
-
لكن الصحيح عند الحنفية قول أبي يوسف ومحمد: أنه واجب، لقوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ﴾ [البقرة: 203].
فمن أين يبتدأ التكبير؟
-
قيل: يبدأ التكبير من ظهر يوم العيد -يوم النحر- وهذا قول المالكية.
-
أو يبدأ التكبير المقيد بالصلوات من فجر يوم عرفة وعليه الجمهور هكذا يقول الحنابلة، وعلماء الحنفية في ظاهر الرواية والشافعية عندهم: التكبير المقيد بالصلوات يبدأ من فجر يوم التاسع -يوم عرفة- التاسع من شهر ذي الحجة، فإذا أذن الفجر فصلى سنة الصبح يسن له أن يكبر، فإذا صلوا الصبح سُنَّ لهم أن يكبروا وهكذا بعد كل صلاة ويستمر ذلك إلى عصر آخر أيام التشريق، وهو كذلك عند الحنابلة وأبي يوسف ومحمد من الحنفية.
-
والمعتمد عند المالكية إلى صبح آخر يوم من أيام التشريق.
-
وفي رواية عند الحنفية: أنه من فجر يوم عرفة إلى ظهر يوم النحر.
-
ولكن أبي يوسف ومحمد بن الحنفية-المعتمد في مذهب الحنفية-: أنه إلى ما بعد عصر اليوم الثالث من أيام التشريق.
-
قال الشافعية: يُشرع التكبير خلف كل صلاة، فرضًا كانت أو نافلة على اختلافها-فكل من صلى يسن له إذا سلّم من الصلاة أن يكبّر في خلال هذه الأيام.
-
قال الحنابلة: مخصوص بالفروض -تكبير في الفرائض لادخل له في النوافل-.
قال عليه رحمة الله: "وكان ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: واذكروا الله في أيام معلومات أيام العشر والأيام المعدودات أيام التشريق، وكان ﷺ يقول: "زينوا أعيادكم بالتكبير والتهليل والتحميد".
وكان ابن عمر وأبو هريرة -رضي الله عنهما- يخرجان إلى السوق في أيام العشر (عشر ذي الحجة).
-
ومن السنة إذا جاءت عشر ذي الحجة أن كل من رأى شيئًا من الأنعام -من الإبل أو البقر أو الغنم- أن يكبّر الله تعالى -يقول: "الله أكبر"- ﴿لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾، فإذا رأى في أيام العشر إبلا أو بقرًا أو غنمًا يقول: الله أكبر.
وكان يخرجان إلى السوق أو ليعتنون.. سيدنا عبد الله بن عمر وأبو هريرة في أيام العشر ما لهم غرض في السوق إلا أن يكبروا، وكانا "يكبران ويكبر الناس لتكبيرهما" -يتبعونهم يكبرون معهم، ولا يخلو السوق من وجود الأنعام فيه-.
وكان ابن عمر وأبو هريرة -رضي الله عنهما- يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس لتكبيرهما،"
"وكان عمر -رضي الله عنه- يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى" تكبيرًا.
وهذه عادة سيدنا عمر بن الخطاب أيام حجّه في أيام خلافته إذا أراد الخروج لرمي الجمار كبّر، فيُكبّر بتكبيره من في المسجد، فيسمعهم أهل السوق فيُكبّر بتكبيرهم من في السوق، فترتجّ منى تكبيرًا حتى يُسمع لجيج التكبير من أطراف مكة، فيقولون: "الآن خرج الأمير ليرمي" يعرفون من لجيجيهم بالأصوات، ما كان أحد عندهم يقول: لا ترفعوا أصواتكم، هذا بدعة ما ينبغي، ما أحد من الصحابة هكذا يقول، فكان ترتج منى تكبيراً ويسمع الصوت إلى أطراف مكة.
ويقول: "وكان عمر -رضي الله عنه- يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى، وكان علي وعمر -رضي الله عنهما- يكبران بعد صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة الظهر من آخر أيام التشريق، وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يكبر خلف الصلوات في أيام التشريق من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق وكذلك الأئمة بعده، وتارة كان يكبر إلى صلاة الفجر من آخر أيام التشريق، وكان أنس وغيره -رضي الله عنهم- يبتدئون بالتكبير من صلاة الصبح يوم النحر إلى آخر أيام التشريق وكان النساء يكبرن خلف عمر بن عبد العزيز -رضي الله تعالى عنه- أيام التشريق مع الرجال فلا ينكر عليهن".
قد علمنا ما انتهى إليه اجتهاد الأئمة في وقت بداية التكبير المقيد بالصلوات ونهايته، وكلٌّ تبع بعض ما جاء عن بعض الصحابة، وكلهم في اتباع من ظللته السحابة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
فالله يرزقنا متابعتهم، والاهتداء بهديهم، ويُحيي فينا سُنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخلاقه وآدابه، ويُحييها في الأمة، ويكشف الغمّة، ويجلي الظلمة، ويعاملنا بالرحمة ويبارك لنا في خاتمة جمادى الآخرة، ويبارك لنا في إقبال شهر رجب وفي شعبان، ويُبلّغنا جميعًا رمضان مُعانين على الصيام والقيام، محفوظين من الآثام، راضين باليسير من المنام، في استقامة مع من استقام.
بسر الفاتحة
إلى حضرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه
الفاتحة
28 جمادى الآخر 1446