فوائد من: تفسير سورة طه (16) وأول سورة الأنبياء - حجج الله البالغة وقرب الحساب

العلامة الحبيب عمر بن حفيظ:

 

 معاني "بينة ما في الصحف الأولى":

 يقول الله تعالى: (أَوَلَمْ تَأْتِهِم بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى) ما هي؟

  1. هي القرآن المُنزَل على محمد ﷺ، وتحدّاهم أن يأتوا بمثله فما استطاعوا، ويُنبئهم عمّا في الصحف الأولى، المنزلة على الأنبياء من قبل ويخبرهم بها.
  2. المعنى الثاني: هو صلى الله عليه وسلم؛ هذه كُتب الله المنزلة فيها صفاته، فيها البشارة به، فيها بيان أحواله، وجاءكم بنفسه -البيّنة لما في الصحف الأولى- أما يكفيكم هذا؟

 انقطاع الحجج والأعذار:

(مِن قَبْلِ أَن نَذِلَّ وَنَخْزَى) قد بعثنا الرسول وأنزلنا الكتاب فأي حُجة لهم؟ أي شيء يتذرعون به يتأخرون عن الإيمان؟ لا حُجّة لأحد من أهل الكفر في الشرق والغرب، بعد هذه الآيات الواضحات وبيان خير البريات ﷺ، وهو الذي أخبر عن هذه المراحل والأحوال التي يعيشونها اليوم، فأي حُجة في هذا الإهمال والالتهاء بأغراض النفوس من إرادة السلطات والتولي على الأموال والثروات؟ كأنهم خُلقوا لهذا! ما أقل عقولهم! ما أفسد فكرهم! ما أقل وعيهم وإدراكهم! ومع ذلك هم المُغترون والمتكبرون والمدّعون لما يدعون إليه.

الصورة

 

 مصير الفريقين:

(قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا) ينتظر كلٌّ ما هو مستقبِلُه في العمر القصير مما يُحدِثُ الله في هذه الدنيا؛ ينصر نبيه ودينه ويحفظه على الرغم من المكابرين والمعاندين والجاحدين، ويجعل العاقبة لأتباع النبي الأمين، ثم من بعد الموت؛ ما الذي ينتظر جميع المجرمين والظالمين والكافرين والمعاندين؟ ما الذي ينتظر المؤمنين؟ ما الذي يُلاقونهُ في الحياة، ثم عند الوفاة، ثم في البرزخ، ثم يوم الموعد والجمع؟

الصورة

 

 صوت الحق:

(قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِي)؛ عند ظهور الحقائق لمن شاء الله، في شيء مِما يحدث في الأرض، علامات صدق محمد ﷺ تتجدد في الوجود والعالم واسمه يُرَدَّد، وإذا الأذانات تُعلَن في المنارات وفي مكبرات الأصوات: "أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله" وقد حاولوا إخماد هذا الصوت أول ما ظهر، وكان محصورًا في مكة وبعدها بدأ ينتشر، والآن في شرق الأرض وغربها، فأين الجهود التي تجمّعت في إخفاء هذا الصوت؟ فما اختفى بل برز، وما يمر قرن من القرون إلا وخطط موضوعة لكي يختفي هذا الصوت فما اختفى!

الصورة

 

 معاني قرب يوم الحساب:

يقول الله في سورة الأنبياء: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ) 

الحَقيقة التي يُحَدِّثُهُم عنها أنبياء الله بأمر الله تعالى؛ من وقوع المُجازاة والمُكافأة والمَثوبة والعقاب على ما فعلوا.. قريب منهم، كيف؟ 

- بمعاني:

  1.  المعنى الأول: أنَّه واقعٌ حتمًا آتٍ لا ريب فيه، وكلُ آتٍ قريب.
  2.  الثاني: أنَّ الناس الذين مَضوا لهم من البقاء على ظهر الأرض من حين خَلَق الله أباهم آدم، الذي بقي قليل جدًا بالنسبة للذي مضى، فالأمرُ إذًا قريب.
الصورة

(إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا) البُعد هذا في نظر المغفلين والغافلين والملحدين والكافرين من جهتين:

  1.  جهة أنهم هذه السنين الحقيرة القليلة، يُعظِّمونها وكأنها كل شيء.
  2.  والثاني أنهم يَشكّون في أمر الآخرة ويستبعدونه، وليس فيه شك (وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا).

الغفلة والإعراض عن الله:

يقول جلّ جلاله: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ) وراء الأهواء، ابتليناهم واختبرناهم بشهوات، بمُتع زائلات، وذهبوا وراءها، ونسوا مَن خلَقهم ولماذا خلق هذه الأشياء، غافلون!

(وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ) عن المُذَكِّرات والمُنبهات، والآيات وكلام الرسل وكلام صلحائهم وكلام أخيارهم، يعرضون عنه لأن نفوسهم لا تميل إليه، لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

الصورة

 تسمية سورة الأنبياء:

سَمَّى الله السورة "سورة الأنبياء" لأنه كَرَّر علينا فيها ذِكر الأنبياء وما لاقوا وما قاموا به من أمره، وما قابلته أُمَمُهم وما أهلك الله أُمَمَهم؛ لأن في ذِكر الأنبياء حياة لقلوبنا، حتى جعل الله تعالى في البيت العتيق ذِكرًا للأنبياء: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ)، (وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى).

 

لقراءة الدرس كاملاً أو المشاهدة:

https://omr.to/q-taha16

 

#الحبيب_عمر_بن_حفيظ #عاجل #معاني_ودلالات #درس_التفسير #القرآن #سورة_طه #جلسة_الإثنين #habibumar #habibumarbinhafidz #tarim #quran 

تاريخ النشر الهجري

23 ذو الحِجّة 1446

تاريخ النشر الميلادي

19 يونيو 2025

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

العربية