أسرار الحج -2- الإقبال على الله وإحياء شعائره (قبس النور المبين)

أسرار الحج -2- الإقبال على الله وإحياء شعائره:
فوائد من درس قبس النور المبين من إحياء علوم الدين، للعلامة الحبيب عمر بن حفيظ
(لِمَنِ الْمُلْكُ اليومَ لِلهِ الواحدِ القهّارِ)، كيف تعيش والذي له الملك أنت في غفلة عنه؟ أنت في إهمال لأمره؟ أنت في تولٍّ عن ذكره؟ أنت في ارتكاب لزجره؟ كيف يليق بك هذا؟ ترجو غيره ممن ليس له حقيقة مُلك؟ وتخاف غيره ممن ليس له حقيقة مُلك؟ لو تقوَّى فيك هذا وتبالغَ بك لكنت في الهُلك! هو أحق من ترجو، هو أحق من تخشى، هو أولى من تعتمد عليه، هو أحق من تتوكل عليه، هو أولى من تتذلل له، هو أحق منك بالمحبة والعشق والشوق والولع والوَلَه، إنه الله! إذا أقبلتَ عليه أقبل عليك، وإذا توجّهتَ إليه وجّه خيراته إليك.

وجُعِلَت لي الأرض مسجداً:
قال رسول الله ﷺ: "وجُعِلَتْ لي الأرضُ مسجداً وطهوراً": جعل لنا هذه المواسم، من مثل رمضان وما فيه، ومن مثل أشهر الحج، ومن مثل الحج والبيت والحرمين الكريمين وبيت المقدس، ثم ما جعل لنا معشر الأمة المحمدية من خصوصية أن أي بقعة في الأرض نستطيع الاتصال الخاص به فيها.
"وجُعِلَتْ لي الأرضُ مسجداً"، جعل الله لنا مساجد وزوايا وأماكن عبادة ومحلات اجتماعات على الوجهة إليه، وبكل هذا يتجلى على مَن أقبل عليه، على من حضر معه، على من صدق معه، على من تذلل لجلاله، على من ألقى السمع وهو شهيد، وأنصت إلى أسرار التوحيد والتحميد والتمجيد والتفريد، وبذلك يتهيَّأ لنيل السعادة مع كل شهيد.
وأذِّن في الناس بالحج:
(وَأَذِّنْ فِي الناسِ بِالحَجِّ) أي أعلِمْ وانشر بينهم دعوتنا لهم إلى الحج، أن يقصدونه؛ ليَنالوا من معاني القرب الخاص والتجلي الخاص، وخصوص الإفاضة للخصائص في رحاب أول بيت وُضع للناس؛ يقصدوا هذا البيت الذي نصبناه لهم عَلَماً ومركزاً ومنارةً ومَعْلَماً وموضعاً؛ لِحَطّ الأشواق وتخفيف نار الشوق والوجد والتباريح.

(إِنَّ أولَ بيتٍ وُضِعَ للناسِ لَلَّذي بِبَكَّةَ مُباركًا وَهُدًى لِلعالَمين)، وهو مبارك وهو هدى، وهو أمن، وهو قيام للناس، (جَعلَ اللهُ الكعبةَ البيتَ الْحرامَ قِيامًا للناسِ والشهرَ الحرامَ والْهَديَ والقلائِد)؛ يقوم بهذه الشعائر أمر دينهم وحالهم وشأنهم وصلاح أحوالهم، قياماً للناس.
(وَإِذْ جعلنا البيتَ مَثَابةً لِلناسِ) يذهبون إليه ويزدادون شوقاً كلما جاءوا، (وَأمنًا) يزدادون به إيماناً وقُرباً من الرحمن.
(وَأَذِّنْ فِي الناسِ بِالحجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا)؛ هاهنا لطيفة: أن الحق جعل مناط تجليه ورحمته بواسطة البيت وبواسطة المقربين مثل الأنبياء، فلم يقل: يأتوا البيت، لكن قال لهم: (يأتوك)، فهم المقصودون من حيث أرواحهم ومكانتهم عند الله، والبيت واحد من شعائر رحمة الله، ولكنها في هؤلاء أجلى وأظهر، ومن هنا عظمت حُرمة المؤمن عند الله.
أعظم الشعائر:
(ذلك وَمَنْ يُعظِّمْ شعائرَ اللهِ فإنها مِن تَقوى الْقلوبِ)، أعظم شعائر الله خمس:
- محمد رسول الله.
- القرآن.
- الصلوات الخمس.
- الكعبة.
- رمضان.
فهذه الخمس أعظم شعائر الحق تعالى وأعظم معالم دينه.

الحج المبرور:
جعل الله الحج المبرور كفارة للذنوب الصغيرة والكبائر، فلا يبقى إلا التبعات، حقوق الخلق، إما من مسامحتهم وإلا أخذهم مقابل في القيامة ما كان من مظالم العباد، وليس من الطاعات شيء منصوص على تكفير للكبائر كمثل الحج إذا كان مبروراً.
قال ﷺ: "من حج هذا البيت فلم يرفث" - لم يتكلم بكلمة سوء - "ولم يفسق" - لم يفعل إثماً - "رجع كيوم ولدته أمه".
"الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة"؛ الثلاثة الأصول لبر الحج:
- إخلاص القصد لوجه الله.
- أن يكون من مال حلال.
- أن لا يرتكب معصية من أول الإحرام إلى أن يتحلل.
- ويتمّ برّه بالرفق بالرفقاء وإطعام الطعام والخدمة للأصحاب في مواطن الحج.

دعوات مباركة:
اللهم أحيي فينا أنوار لا إله إلا الله محمد رسول الله، وأنوار إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت، وأنوار الصدق والإخلاص والإنابة والإيمان بك وبكتبك ورسلك وملائكتك، وبالقدر خيره وشره، وباليوم الآخر، وبالإيمان بكل ما جاء به حبيبك محمد ﷺ، وفِّقنا للإحسان وأن نعبدك كأننا نراك، وارفعنا إلى أعلى مراتب قُربك ومحبتك ومعرفتك ورضاك.

اللهم اقبل من وفّقتهم للحج في عامنا هذا، واكتب لهم التوفيق وأعِدهم سالمين لأوطانهم، وأشرِكنا فيما تجود عليهم، وما تنعم عليهم، وما تتجلّى عليهم وما تتفضل عليهم.
اللهم اجمع شمل الأمة، وافتح باب الفرج للأمة، يا كاشف كل غُمة، يا جالي كل ظلمة، رُدّ كيد المعتدين الظالمين الغاصبين، ولا تبلغهم مراداً فينا ولا في أحد من المسلمين.

___
لمشاهدة الدرس كاملاً:
https://www.youtube.com/live/3nHWRSEdc8c
#الحبيب_عمر_بن_حفيظ #عاجل #تريم #الحج #فوائد #إحياء_علوم_الدين #قبس_النور_المبين #أسرار_الحج #habibumar #habibumarbinhafidz #tarim #ihyaulumuddin #ihya
14 ذو القِعدة 1446